الدورة العربية ستعود إلينا. نحن نريدها أصلاً لأن ذكريات تلك النسخة التي استضفناها عام 1997 لا تفارق ذاكرتنا، وهي أعطتنا عامذاك أملاً بإمكان البناء على تلك الفورة التي عرفتها البلاد رياضياً لتحسين رياضتنا فنياً ومنشآتنا وهيكليات اتحاداتنا.الآن الكرة في ملعبنا بعد اعتذار المغرب عن عدم استضافة الدورة التي كانت مقررة أواخر السنة الحالية، ورفض مصر الطرح بالحلول مكانها في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء والشباب والرياضة العرب الذي انعقد في جامعة الدول العربية في القاهرة.

من هنا، يعود لبنان بقوة إلى الواجهة لاسترداد حقه عبر تنظيم هذه الدورة عام 2019، بعدما عجز مثله مثل أي دولة عربية أخرى عن الاستضافة بسبب الأوضاع الأمنية، حيث يغلي العالم العربي، وبدلاً من أن يتجمع شبّانه في تظاهرة رياضية، ينشط قسم منهم في الاقتتال على هذه الجبهة أو تلك عند حدودٍ وفي عمق بلدان عربية مختلفة.
لنسترد حقنا ونستغل مناسبة الدورة العربية لتحسين منشآتنا وتحديثها حتى لا تبقى على الحال المزرية التي وصلت إليها جراء الإهمال وعدم الاكتراث. استضافة الدورة العربية ستُنشّط كوادرنا الفنية واتحاداتنا وكل الجهات الرياضية مجدداً، وتدفعها إلى العمل في الإطار المفترض أن تكون فيه، وهو البحث عن المواهب وصقلها ضمن ما يسمى صناعة الأبطال والميداليات.
لنسترد حقنا ونستغل هذه المناسبة لجمع العرب مجدداً في بيروت وربط جسور الثقة معهم، وخصوصاً بعدما شاعت أخيراً مسألة انسحابات غالبية الدول الناطقة بحرف الضاد، وتحديداً الخليجية، من أي حدث دولي ينظم في لبنان، وآخرها البطولة الآسيوية في الكوراش التي نظّمها الاتحاد اللبناني للجودو حيث توالت الانسحابات بالجملة منها خوفاً من الظروف الأمنية وما يحيط بها.
استضافة الدورة العربية لها أبعاد كثيرة لبنانياً وإقليمياً، ولها تأثيرها الإيجابي المباشر على رياضتنا المحلية، التي تبدو بحاجة إلى أكثر من استضافة للارتقاء، أقله الى مستوى ما وصلت إليه الدول الأخرى، أقله في محيطنا العربي.
الدور يأتي اليوم على اللجنة الأولمبية اللبنانية للمطالبة باسترداد حقنا، لكونها ضمن اتحاد اللجان الأولمبية الذي يقدّم طلبات كهذه إلى مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، الذي لن يمانع بالتأكيد إعادة منح شرف الاستضافة للبنان لأسباب واعتبارات عدة قد يكون سردها أضحى مسألة كلاسيكية.
هنا العالم العربي حيث تقف الدول «الشقيقة» اليوم مستنفرة بعضها ضد بعض، وشبانها يسقطون هنا وهناك لسببٍ لا يعرفونه احياناً. هم لا يجتمعون على شيء، ويفترقون على اشياء كثيرة. تسأل بعضهم كالليبيين عن البطولات الناشطة لديهم حالياً، فيجيبونك بطولات السلاح. تسأل العراقيين عن استعداداتهم، يقولون غير موجودة بسبب تزايد المصاعب الأمنية التي أرخت بظلالها على الأوضاع المالية وانعكست على الرياضة مباشرةً. وتسأل السوريين عن فرقهم ومنتخباتهم فيحكون عن تبخّرها.
إذاً، الدورة العربية أبعد من أن تكون دورة رياضية فقط، فأهميتها لا تنحصر بلبنان فقط، بل ستكون مسرحاً للدول الأخرى لتقديم صورتها الجديدة بعد سنوات قليلة، وليس هناك أفضل من بلاد الأرز لتكون ذاك المسرح الذي اعتاد أن يرى العرب عليه كل الأشياء الجميلة والمفقودة لديهم.
لنسترد حقنا...