بدءاً من يوم غدٍ، على مدى ستة أيام، سيقوم ثمانية عدّائين بالجري لمسافة 252 كلم في مختلف المناطق اللبنانية. سيترك العداؤون: علي قضامي، عماد لادقاني، جورج حويّك، خضر بدران، جهاد الأشقر، مارك جبران، محمد مرهمو وربيع فرسون، عائلاتهم وأعمالهم ليجوبوا طرقات لبنان. هؤلاء العداؤون لا يشاركون بسباق أو يسعون إلى لقب، بل هم يركضون بهدف تحصيل الأموال لجمعية «هارت بيت» انطلاقاً من عمل خيري بحت، يهدف الى جمع 60 ألف دولار لصالح الجمعية.
هو المشروع الثاني لهؤلاء العدائين من «دي فيت رانرز» (De-feet Runners)، بعد الأول العام الماضي حين جابوا مناطق لبنان لصالح مركز سرطان الأطفال «سان جود» وجمعوا 70 ألف دولار، علماً بأن الهدف كان جمع 50 ألفاً.
خطوة تفتح الباب على أمر لا يبدو أنه حاضر بقوة في الرياضة اللبنانية، وهو تسخير هذه الرياضة ونجومها لصالح الأعمال الخيرية. ورغم المحاولات الفردية التي يقوم بها أشخاص رياضيون في هذا الإطار، إلا أن مساهمة نجوم الرياضة اللبنانية والأندية الكبيرة في هذا المجال لا تزال متواضعة.
العداء علي وهبي قرر الجري لمسافة 1000 كيلومتر على مدار 14 يوماً لمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم. نجم كرة السلة السابق والإعلامي طوني بارود بدأ قبل 12 عاماً مشروعه بالتعاون مع جمعية «الينبوع» بإقامة مسيرة تساعد على دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع. حينها بدأ بارود بعدد قليل من المشاركين ووصل عددهم الى الآلاف هذا العام.
في مكان آخر، شهد شهر شباط من العام الجاري زيارة قام بها وفد من فريق الحكمة لكرة السلة برئاسة رئيس النادي نديم حكيم والجهاز الفني واللاعبين لمركز سرطان الأطفال في لبنان، حيث جرى التبرّع بمبلغ من المال وتقديم الهدايا للأطفال المرضى.
بدورها، وجدت جمعية «برايف هارت» في ماراثون بيروت مكاناً للترويج لها وجمع الأموال دعماً للمركز الذي يعنى بأمراض القلب.


جهد متعدد الاتجاهات

لكن كل هذا يبقى في إطار المبادرات الفردية التي، رغم قلتها، تستحق الوقوف عندها، وخصوصاً أن بعضها يتطلب مجهوداً كبيراً. فمجموعة العدائين الثمانية على سبيل المثال يبدأون تحضيراتهم قبل ثلاثة أشهر لمثل هذا الحدث. فتتوالى التدريبات أسبوعياً بمعدل ثلاثة إلى أربعة تمارين يقومون خلالها بالجري 15 كلم، إضافة الى الجري ما بين 35 و40 كلم يوم الأحد، بحسب ما يقول العداء علي قضامي لـ»الأخبار».

تبقى المبادرات فردية وبعيدة عن الأندية والنجوم الذين يتمتعون بشعبية تؤمن تبرعات أكثر


هذا على الصعيد البدني، فعمل كجمع تبرعات لمركز أو جمعية لا يمكن أن ينحصر بالشق الرياضي فقط. مواقع التواصل الاجتماعي هي أيضاً «مضمار» آخر يجهد فيه العداؤون لإعلام الرأي العام بالنشاط الذي يقومون به لجمع الأموال عبر التبرّع من قبل أشخاص مهتمين. أضف الى ذلك الزيارات للرعاة الأساسيين الذين تتنوع مساهماتهم بين الذهبية والفضية والبرونزية، بحسب قيمة المبلغ، فتكون أسماء شركاتهم على قمصان العدائين خلال جريهم في المحافظات اللبنانية. واللافت أن هؤلاء الرياضيين الذين ينتمون الى نادي الإيليت لا يواجهون مشكلة في جمع التبرعات، إذ يلقون الترحيب من المؤسسات، ما يعني أنه في حال دخول الأندية الكبيرة ذات الشعبية والجمهور كالرياضي والحكمة في كرة السلة، والنجمة والأنصار في كرة القدم، وحتى المنتخبات الوطنية، فهذا قد يرفع من سقف التبرعات ودخول رعاة جدد على الخط.

اختيار الجمعيات

لكن، كيف يتم اختيار الجمعية السعيدة الحظ التي ستنال المبلغ المالي الذي سيُجمع؟
طالما أن المبادرات في معظمها فردية فهي تعود إلى الأشخاص المعنيين الذين يختارون الجمعية التي ستستفيد من النشاط.
عماد لادقاني أحد العدائين الثمانية يوضح أنه وزملاءه قرروا أن يكون الأطفال هم المستفيدين من نشاطهم، فاختاروا في العام الماضي مركز سرطان الأطفال في لبنان، في حين اختاروا مركز «هارت بيت» الذي يعني بالأطفال المرضى بالقلب. ويوضح لادقاني أن بالإمكان اختيار أي جهة للاستفادة من المشروع وليس بشرط أن تكون الأطفال.
أهمية مشاركة الرياضيين في جمع التبرعات يتحدث عنها المدير التنفيذي في جمعية «هارت بيت» وديع رنّو الذي يرى في هذا الأمر عملاً جديداً بعيداً عن التقليدية التي تتبعها الجمعيات في جمع التبرعات. ويشدد رنّو على أهمية مساهمة الرياضيين، ويقدم أمثلة عن مبادرات قام بها رياضيون كشوقي كرم الذي شارك في سباق لندن قبل سنتين وجمع مبلغ 20 ألف دولار، وهو يحضّر لنشاط هذا العام مع شقيقه جوني لركوب الدراجة من باريس الى لندن لجمع التبرعات أيضاً. مثال آخر هو عن جورج ولينا أبو عضل اللذين جمعا 12 ألف دولار لصالح الجمعية بعد تسلقهما جبل كيليمنجارو.
لكن رغم ذلك، يرى رنّو أن المبادرات تبقى فردية، وهي بحاجة إلى تحرّك الجمعيات نحو النجوم ودعوتهم للقيام بمثل هذه النشاطات، مؤكداً أن معظم هؤلاء النجوم يوافقون على المشاركة انطلاقاً من تجارب سابقة للجمعية.