مقالات مرتبطة
-
عن «العقلانيّة الجديدة» ورهان التحديث باريس - عثمان تزغارت
-
أفنى حياته دفاعاً عن جوهر الدين ضياء بوسالمي
-
المكالمة الأخيرة في باريس باريس - فائزة مصطفى
-
«المسلم الجديد» لن يرى النور قريباً وليد حساني
-
المأزق الأبدي للمبدع العربي المغترب الجزائر - زهور شنوف
لكن لا يمكننا أن ننكر أن أبحاثه، تندرج في سياق معركتنا السيزيفيّة دفاعاً عن العقلانيّة والتنوير. مالك شبل الذي رحل مبكراً جداً، وقف بين عالمين، وكان بينهما وسيطاً ورسولاً. خاض معركة انتزاع الوعي الديني من النمطيّة الماضويّة التي تريد أن تأسره في القرن السابع، متجاهلة كل التطوّرات الفكرية والتاريخية والحضارية التي كان المسلمون محرّكاً فاعلاً فيها. وهو يترك لنا اليوم زاداً ثميناً في هذا الزمن الأعمى، بمعزل عن «ارهاب» الرجل الأبيض المهيمن الذي يريد أن يفرض «علمانيّته» ديناً جديداً مع ما يترتّب عن ذلك من تجريم واقصاء وعنصرية وخوف. ومحاكم تفتيش، وطاعون اسلاموفوبي، وامعان في الاستغلال والهيمنة الاستعماريّة. يسأل مالك شبل ماذا فعلنا لفرض حضورنا كعرب، هل لدينا اليوم الامكانيات لتجاوز كل ذلك؟
لقاءان جمعانا في بيروت، كنت فيهما السائل والمحاوِر، ولم أتردد في توجيه الانتقادات التي ردّ عليها بسلالة ولطف وحزم ووضوح. في العام 2010 ضمن «منتدى المرأة العربية»، أسهب في شرح مقاربته للدين الاسلامي من داخل المجتمع الفرنسي، وتصوّره لدور المثقف في خدمة التنوير. ثم خلال ندوة نظمها «ملتقى ابن رشد» في بيروت (بمشاركة خولة الماطري، ووليد شرارة). كان ذلك في العام 2015، أي بعد الاعتداءات الارهابية في فرنسا. رفض يومذاك بوضوح التستّر خلف وضعية الضحيّة، وطالب باعادة الاعتبار الى العقل. تحدث عن ضرورة اعادة اكتشاف الاسلام، وأكد على أهميّة الحوار الصريح والجريء مع الذات ومع الآخر: «إن إعداد مثقف يتطلب ٣٠ سنة، قال، أما الارهابي فممكن انتاجه في ثلاثين يوماً».
هل كتب مالك شبل لنا أم للغرب؟ ما همّ في النهاية. لقد وضع أسساً نظرية ومعرفية متينة للمشروع التنويري الذي يشكل أفق الخلاص والتقدّم لشعوب هذه المنطقة المعذبة من العالم. طبّق منهجه في التحليل النفسي على ألف ليلة وليلة، وترجم القرآن الكريم بفرنسيّة معاصرة في متناول العامة، وكتب عن «الرغبة» والحب والخمر والنشوة والجسد والمرأة والجنس في الاسلام، ودرس المتخيّل العربي - الاسلامي، والإيروسيّة الإسلاميّة، ولاوعي الإسلام، والحركات الاصلاحيّة في الإسلام. لا بد من أن نعيد قراءة «مانيفستو من أجل إسلام تنويري». لا بد من ترجمة مؤلفات مالك شبل الأساسية إلى العربيّة.