مقالات مرتبطة
-
إسلامنا بيار أبي صعب
صُدم بتحوّلات ربيع العرب، وسطوة المنطق الديني
قد يختصر بعضهم اشتغالات شبل الفكرية برغبة منه في العودة إلى «إسلام الأنوار». هذا المصطلح بالذات كان «يُغضب» الراحل، بحكم أنّ المسلمين بعيدون تماماً عن تلك الحقبة، ومهما حاولوا، فلن يعودوا إليها. الإسلام اليوم يعيش زمن الانقسامات الكبرى، وكل مسلم يعيش ويحيا على إرث الماضي. لذلك، كان شبل يدعو إلى «قطيعة» مع ما سبق، من أجل التفكير في إعادة البناء، وتأسيس إسلام جديد، يتماشى مع اللحظة التاريخية التي يعيش فيها. من يكتب عن الإسلام من الغرب، يُنظر إليه بتوجّس... تلك هي حالة محمد أركون، عبد الوهاب المؤدب، ثم مالك شبل. مجرد أن يعيش هؤلاء في مجتمعات أوروبية، تصير كتاباتهم محلّ تشكيك، ويُنظر إليها على أنها ليست سوى «محاباة» للغرب. هذا ما يبرّر – إلى حدّ ما – بقاء قراءات أعمال شبل «نخبوية»، رغم أنه ترك أكثر من ثلاثين عملاً، فلم يترجم منها ـــ حتى الساعة ــــ سوى كتابين إلى العربية. كما أنّ أطروحاته لم تجد صدى في الأوساط الشعبية، فقد كان صارماً جداً في نقده للإسلام السياسي الحديث، وللحركات الإسلامية، التي ـــ برأيه ــ وُلدت من سوء فهم للنصوص الدينية، وتوسّع نشاطها في الداخل العربي، مما انعكس بالضرورة على صورة المسلم في الغرب، الذي صار «غير مرغوب فيه»، ليس فقط من اليمينيين، بل أيضاً من الأناس العاديين. لهذا، حاول شبل طويلاً قلب الصورة. اهتم بالكتابة عن المرأة المسلمة، بحثاً عن إنسانيتها، وتحريراً لها من العبودية الخاضعة لها في المجتمعات الإسلامية، وجاء الربيع العربي كلحظة «انبعاث» تمناها شبل، لكنه مثل غيره من المفكّرين، صُدم بتحوّلات ربيع العرب، وسطوة المنطق الديني على الآراء الأخرى. كانت خيبة كبيرة في نفسه، تمنّى أن تزول سريعاً، لكنها ما زالت مستمرة إلى الآن.
الإسلام بالنسة لشبل، هو إسلام متعدّد، وليس واحداً، يبدأ من لحظة «الوحي» لكنه يتفرّع. هو لم يكن يجد مانعاً في الكتابة عن زوجات الرّسول، وعن الإيروتيكية، عن الخمر، وعن السّيرة النبوية. كان يحمل في قلبه حلم ولادة «المسلم الجديد»، المتصالح مع نفسه، المتحرّر من سلطة المقدّس، لكنه مات وقد عاد المسلم العاقل إلى جحره، هرباً من طوفان الأصولية!