على أشدّها تبدو المعركة الداخلية الإسرائيلية، وسط تصعيد متدرّج من قِبَل المعارضة ضدّ حكومة بنيامين نتنياهو، وجنوح متزايد لدى الأخيرة نحو قمْع مُناوئيها، في الوقت نفسه الذي تمضي فيه في طريق إحداث تغييرات جذرية في نظام الحُكم من شأنها أن تَنقل إسرائيل من ضفّة إلى أخرى. وإذ يَظهر، وفقاً للاحتساب المنطقي للمقدّمات والنتائج، أن الكيان العبري مقبلٌ على حالة من الاحتراب الأهلي، فإن دون الانتقال إلى ذلك المصير مسافةً معتدّاً بها، قد يقتنع خلالها أطراف الانقسام بضرورة التنازل لبعضهم البعض قبل أن ينهار الهيكل على رؤوس الجميع. لكن إلى الآن، وعلى رغم تصاعد التحذيرات من «أنّنا نمرّ بأزمة عميقة وخطيرة تُهدّدنا جميعاً»، وفق توصيف يتسحاق هيرتزوغ، ومع أن استطلاعات الرأي تُظهر أن أكثر من نصف مَن صوّتوا لصالح نتنياهو يعارضون خطّة حكومته لـ«الإصلاح القضائي»، لا يزال الائتلاف الحاكم مصرّاً على استكمال هذا المسار الذي تتكشّف، يوماً بعد يوم، المزيد من معالمه «الكارثية»، ومن بينها مثلاً منْح المحاكم «الحاخامية» مكانة مُوازية لتلك التي تحوزها المحاكم المدنية، بما يشكّل موجة كبرى من موجات «التسونامي المصمَّم لتعزيز الإكراه الديني». وأيّاً كان ما ستؤول إليه هذه المواجهة، فالأكيد أن ما بَعد حكومة نتنياهو - بن غفير - سموتريتش، لن يكون كما قَبلها، وأن تخلخُل التماسك المجتمعي وصل إلى مرحلة لم يَعُد معها من الممكن إخفاؤه أو تطنيشه