عدم تنفيذ قرار مجلس الشورى بوقف المحاصصة
رشا أبو زكي
من يحمي تيار المستقبل في بلدية بيروت؟ بل لماذا يجري التغاضي عن العديد من المخالفات الحاصلة في آلية التوظيف السائدة؟ فقد بدأ الكثير من التساؤلات يتزايد ويتكاثر على أرض المحسوبيات الخصبة التي تجتاح جميع المؤسسات العامة والخاصة والتي تتحكم في عمليات التوظيف، وتسهم في تعميق الشرخ «المحاصصاتي» القائم، بلدية بيروت ليست سوى مثال صغير عن التجاوزات التي تلف الوطن، مثال يمكن الانطلاق منه لمعرفة التركيبة والمعادلات التي تستخدم لملء الشواغر والتوظيف... وصولاً إلى تحقيق «ديموقراطية الجدارة» التي وردت في البيان الوزاري، والتي تغيب عن جميع عمليات التوظيف، فما الذي جرى في بلدية بيروت؟
تناقض الطلبات
بعد مراسلات عدة جرت بين بلدية بيروت ووزارة الداخلية والبلديات ومجلس الخدمة المدنية صدر عن محافظ مدينة بيروت الكتاب الرقم 14764/2007 تاريخ 25/9/2007 الذي أورد ضمنه أن «الحاجة الملحة والفورية لتأمين الحد الأدنى من العمل في الإدارة البلدية تتطلب تعيين عدد من الموظفين كمرحلة أولى بانتظار الاستكمال»، وتوزّع العدد المطلوب كالآتي: 8 مديرى مصالح. 10 رؤساء دوائر. 8 رؤساء أقسام. 4 أطباء أسنان ـ صحة. 6 مهندسون. 4 مفتشين مجازين بالحقوق. 75 موظفاً فئة 3 و4. إضافة إلى 200 أجير. إلا أنه ومن دون أي مسّوغ صدر عن محافظ بيروت نفسه، كتاب مخالف لطلبه السابق، موجّه إلى مجلس الخدمة المدنية يطلب بموجبه وضع أسس ونظام ومواد ومباريات للوظائف الشاغرة التالية في بلدية بيروت: 12 رئيس دائرة فئة 2 + طبيب فئة 2، و16 رئيس قسم فئة 2. و146 موظفاً فئة 3!
علامات استفهام
التناقض الحاصل بين الطلبين أدى إلى طرح أسئلة عدة عن الأسباب التي أدت إلى هذه التغييرات؟ ولمصلحة مَن؟ واستغربت أوساط بلدية أن لا يجري طلب ملء الشواغر كلها في بلدية بيروت، بل يتم استنساب بعض هذه المراكز واعتبارها شاغرة لإجراء مباراة عليها بينما بعضها الآخر يجري الحفاظ عليه دون ذكره ودون طلب تعبئة ملاكه؟. وذهبت الشكوك إلى أبعد من ذلك، وخصوصاً أن معظم الوظائف التي جرى التراجع عن طلب ملء شغورها يشغَلها أصلاً بالتكليف موظّفون تابعون لتيار المستقبل! ويتزامن هذا الواقع مع مخالفات عدة تشير المصادر إلى أنها لا تزال مستمرة في بلدية بيروت ويغطيها النافذون في البلدية من دون أي حسيب أو رقيب، وأبرز هذه المخالفات أن المديرة المكلفة مصلحة المؤسسات المصنفة هي مهندسة معمارية بينما القانون يفرض أن يكون شاغل هذا المركز مهندساً مدنياً أو مهندساً ميكانيكياً أو مهندس إلكتروميكانيك، كما أن المدير المكلّف المصلحة المالية هو أساساً يشغل مركز رئيس دائرة بالخزينة بالأصالة، وبالتالي فقد أصبح يراقب نفسه وهذا يتعارض مع قانون المالية، ولا سيما المادة 104 من قانون المحاسبة العمومية، وكذلك المدير المكلف مصلحة الهندسة هو أساساً يشغل مركز رئيس دائرة المراقبة بالوكالة وبالتالي فقد أصبح يراقب نفسه وهذا يتعارض مع القوانين المرعية الإجراء.
وتقول المصادر الى أنه «بما أن رئيس دائرة الخزينة في بلدية بيروت هو المكلف مركز مدير المالية ويراقب نفسه، فقد جرى استئجار الطابق الأول والرابع من مبنى السفير لمصلحة مصلحة الهندسة بمبالغ خيالية. ولُزّم ترميم وتقطيع الطابق الأول من مبنى المقاصد الخيرية في شارع مار الياس (الذي تستأجره بلدية بيروت) بمبلغ خيالي أيضاً...».
رأي مجلس الشورى
وتعيد المصادر هذه المخالفات إلى «عدم تنفيذ القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة بإبطال المذكرتين الصادرتين عن وزير الداخلية والبلديات (اللتين عُيّن بموجبهما الموظفون المحسوبون على تيار المستقبل في المراكز الحساسة وأُقصي غيرهم عن هذه المراكز، وأُحدث خلل في المراكز الطائفية لمصلحة طائفة معيّنة على حساب باقي الطوائف) الذي يحمل الرقم 406/2005 ـ 2006 تاريخ 4/7/2006، والذي لم ينفّذ لتاريخه، إذ إن محافظ مدينة بيروت بالتكليف أصدر المذكرة الرقم 22797 تاريخ 11/9/2006 التي أدت إلى عدم تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة وجرى حفظ هذه المذكرة في أرشيف المحافظة دون إبلاغها حسب الأصول، مع الإشارة إلى أن القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة ملزم وغير قابل للمراجعة أو الطعن».