مقالات مرتبطة
تم تشديد العقوبات منذ سنوات قليلة بقانون صدر عام 2015
ثمة سبب آخر هو أن ردع الفلسطينيين (من الضفة المحتلة) المتعاملين بالزراعة والتجارة لن يحلّ المشكلة، نظراً إلى ارتباط تجار كبار ومزارعي مخدرات من فلسطينيي الـ48 بأراضي الضفة أو بمالكيها، وذلك ضمن علاقات قرابة ومصاهرة، فضلاً عن إمكانية استئجار الفلسطينيين من حَمَلة الهوية الإسرائيلية أراضي ومباني داخل الضفة، وتجديد أساليبهم وأماكن زراعتهم، ويكفي هربهم لضمان عدم محاسبتهم بشدة، بل حتى لو ضبطتهم الشرطة الفلسطينية، لا تمكن محاكمتهم لديها وسجنهم. كما أن سجلّ المشتل نفسه قبل اكتشافه يظلّ مخفياً عن الرأي العام، لأن دائرة الإعلام في الشرطة لا تعلن نتائج التحقيقات، فلا يظهر إذا ما كان صاحب المشتل قد زرع النباتات المخدرة فيه للمرة الأولى، أو نجح في التواري عن الأنظار وقطف دورات إنتاجية سابقة قبل اكتشافه.
في المقابل، أفرزت الصعوبة البالغة في القضاء جذرياً على زراعة المخدرات مبادرات شعبية شبابية تعمل على ملاحقة التجار والمروجين داخل الضفة. وتكشف مصادر خاصة أن بداية «عمليات الردع الشعبية» كانت في منطقة ضواحي القدس (مخيم قلنديا، كفر عقب)، لكنها لم تكن فعّالة كما يجب، بسبب سيطرة العدو على هذه المناطق المصنفة «ج». أما في الضفة، فتولّت مخيمات بيت لحم زمام المبادرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، ثم امتدّت خلال السنتين الماضيتين لتطاول مخيم العروب في الخليل (جنوب)، وأخيراً وصلت «الردع الشعبية» هذا العام إلى مخيمَي طولكرم وعسكر القديم (شمال).
تقول المصادر إن بعض أجهزة أمن السلطة في عدد من مدن الضفة لا يمانع «عمليات الردع الشعبية» لتجار المخدرات، شريطة أن تكون تحت جناحه وبإشرافه من تحت الطاولة، وهذا ما يحدث في معظم المخيمات والمناطق التي تنطلق منها هذه الحملات. ويبدو أن الشرطة تؤيدها، لعلمها بصعوبة ردع التجار والمروجين من حَمَلة الهوية الإسرائيلية على وجه الخصوص، وأن الأمر جاء تحت ضغط المزاج الشعبي العام. كذلك، تذكر المصادر نفسها أن مجموعات أخرى لا تشرف عليها السلطة تكافح المخدرات، وتكوّنت من ناشطين في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في مخيمات بيت لحم (جنوب) خاصة، وعناصر من «فتح»، بعضهم أعضاء سابقون في ذراعها العسكرية «كتائب شهداء الأقصى».
وتتنوع عمليات «الردع الشعبية» بين إلقاء زجاجات حارقة صوب ممتلكات المروجين والتجار، وفي أحيان أخرى ضربهم بالعصي أو إحراق مركباتهم الشخصية، وفي حالات قليلة إطلاق النار على المروجين للترهيب أو على أقدامهم مباشرة، لكن تلك العمليات لا تمثل حسماً، كما تفتقد الضبط الكامل لكي لا تُستغل لأغراض أخرى. والأسبوع الماضي، شهدت نابلس (شمال) لأول مرة إحراق مركبة أحد مروجي المخدرات، بعدما لاحقه مسلحون من مخيم عسكر، وأطلقوا النار عليه، قبل تسليمه للشرطة رسمياً وإقرار الأخيرة بالقبض عليه في ليلة وقوع الحادثة.