تشهد العلاقات السعودية - الهندية نشاطاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة
في هذا الوقت، نشر الإعلام الباكستاني تقارير تحدّثت عن سداد إسلام أباد قرضاً للرياض بقيمة مليار دولار قبل حلول موعد استحقاقه، علماً بأن القرض المذكور جزء مِن حزمة إنقاذ أعلنت عنها المملكة في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2018، بقيمة 6.2 مليارات دولار (3 مليارات على شكل قروض، فضلاً عن تسهيلات ائتمانية نفطية بـ 3.2 مليارات دولار)، بعد وقتٍ قصير من زيارة رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، الأولى إلى السعودية. في الإطار نفسه، أوردت "رويترز"، نقلاً عن مسؤولين عسكريين، وجود مطالبات مِن قِبَل المملكة بسداد مليار دولار أخرى من القرض. وبحسب وسائل إعلام محلية، لم تتسلّم إسلام أباد شحنات الخام المتّفق عليها منذ أيار/ مايو الماضي، بعدما انتهت مدّة سريان الاتفاق، من دون تجديده مِن جانب الرياض. وعلى رغم صمت المملكة حيال كلّ ما يجري تداوله، نفى قرشي، الأسبوع الماضي، أن تكون الرياض قد طلبت من بلاده سداد القرض، أو أن تكون قرّرت تعليق الإمدادات النفطية. غير أن الوزير تحدّث بإسهاب عن الزيارة المرتقبة للرئيس الصيني، شي جين بينغ، لباكستان، باعتبارها تحتلّ "أهمية قصوى" بالنسبة إلى بلاده، ولا سيما بعد ورود أنباء تحدّثت عن تقديم بكين قرضاً إضافياً لإسلام أباد بقيمة مليار دولار لمساعدتها على تخطّي الآثار المترتّبة على تراجع الدور المحتمل للرياض. وذكّر الوزير بأن الممرّ الاقتصادي بين الصين وباكستان "سيمضي قدماً"، على رغم معارضة الهند التي تخشى السعودية المخاطرة بمصالحها التجارية معها من أجل دعم باكستان في مسألة مثل كشمير. فالروابط بين الرياض ونيودلهي تشهد نشاطاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، عزّزته جولة ابن سلمان الآسيوية التي شملت الهند في شباط/ فبراير من العام الماضي، والتي سعى في خلالها إلى توسيع التجارة غير النفطية بين البلدين، وزيادة الاستثمارات في هذا البلد الآسيوي إلى 100 مليار دولار في غضون عامين. وبعد أيام من قرار الهند إلغاء الوضع الخاص لكشمير، وقّع عملاق النفط السعودي، "أرامكو"، اتفاقاً مع نيودلهي بقيمة 15 مليار دولار. اتفاقٌ أثار غضب أوساط باكستانية كانت تنتظر موقفاً سعودياً مسانداً، وهو ما تجاهله بيان وزارة خارجية المملكة الذي دعا "طرفَي النزاع" إلى الحفاظ على السلام والاستقرار والعمل على التوصّل إلى تسوية سلمية وفقاً للقرارات الدولية.
ليست العلاقات بين الرياض وإسلام أباد بمنأى عن التجاذبات الإقليمية؛ ففي أواخر عام 2019، نجحت السعودية في ثني باكستان عن حضور القمّة الإسلامية المصغّرة في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وهو ما أكّده قرشي، أخيراً، حين قال إن بلاده اعتذرت عن عدم المشاركة بناءً على طلب المملكة. ولم تفلح الأخيرة في إحباط "قِمة كوالالمبور"، على رغم مقاطعتها إيّاها وتحذيرها عبر "منظمة التعاون الإسلامي"، التي عُقدت القِمة خارج عباءتها، من أن اجتماعات كهذه تعدُّ "إضعافاً للإسلام والمسلمين"، وسط مؤشّرات دلّلت على قلق الرياض إزاء تشكّل كتلة موازية، أو حتى بديلة، لمنظّمتها، يمكن أن تنجم عنها جبهة سياسية رادعة تقارع نفوذ المملكة في العالم الإسلامي. ولعلّ أكثر ما أثار الحساسية السعودية، حينها، كون الرئيسَين التركي رجب طيب إردوغان، والإيراني حسن روحاني، وأمير قطر تميم بن حمد، إلى جانب ممثلين عن حركة "حماس"، شكّلوا أبرز وجوه القمة. آنذاك، لفت الرئيس التركي إلى أن المملكة هدّدت بترحيل العمالة الباكستانية، وسحب ودائعها من المصرف المركزي الباكستاني، لدفع حليفتها إلى التراجع عن حضور القِمة. وبعد مضيّ شهرين على الواقعة، قام إردوغان بزيارة للعاصمة الباكستانية شهدت محادثات لتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري، وألقى في خلالها كلمة داخل الجمعية العامة للبرلمان، تعهّد فيها بالوقوف إلى جانب إسلام أباد في مواجهة "الضغوط السياسية" التي تتعرّض لها.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا