الفشل الأمني والاستخباري سيتحوّل إلى مادة دسمة لانتقادات المستوطِنين
هذا الفشل الأمني والاستخباري سيتحوّل إلى مادة دسمة لانتقادات المستوطِنين، وهو ما لم يتأخّر كثيراً، إذ سرعان ما هاجم رئيس «مجلس مستوطنات شمال الضفة»، يوسي دغان، الحكومة، قائلاً إن «عملية (أرائيل) نتيجة واضحة لفقدان السيطرة والردع من قِبَل الحكومة المنتهية ولايتها»، معتبراً أن «على الحكومة القادمة أن تعكس المعادلة». وفي المقابل، سادت حالة من الفرح والنشوة عمومَ الأراضي الفلسطينية، فيما جرى توزيع الحلوى في مخيم جنين وفي قطاع غزة احتفاءً بالهجوم، الذي سيكون من شأنه تثبيت حقائق عديدة، أُولاها عجز دولة الاحتلال وأجهزتها الأمنية عن مواجهة العمليات الفردية، مع ما يستتبعه ذلك من تعمُّق في الانقسامات الإسرائيلية، وتزايُد في الاتهامات المتبادلة، وهو ما ظهر سابقاً عقب عملية شعفاط، حيث فشل جنود العدو في منْع الشهيد التميمي من استكمال عمليته أو إصابته، الأمر الذي أدّى إلى طرْد بعض الجنود وإنذار آخرين. وبينما يزعم رئيس الحكومة المنصرف، يائير لابيد، أن حكومته قضت على العديد من بنى المقاومة وخلاياها في الضفة، جاءت هذه العملية كصفعة وداع له، لتؤكّد فشله في انتزاع بذرة المقاومة، فيما حاول هو صدّ هجوم المستوطِنين المتوقَّع عليه بالقول: «يتعيّن علينا خوض هذه الحرب في كلّ يوم مجدّداً». أمّا عضو «الكنيست» المتطرّف، إيتمار بن غفير، فغرّد عبر حسابه على «تويتر»، بأن «الإرهاب ليس مرسوماً بالقدَر، وسنبذل قُصارى جهدنا للقضاء عليه وإعادة الأمن إلى الإسرائيليين».
في المقابل، تبثّ عملية سلفيت زخماً جديداً في حالة المقاومة في الضفة، مُثبتةً مرّة أخرى فشل رهان الاحتلال على وأْد هذه الحالة المتصاعدة، والتي تفرض نفسها كتحدٍّ استراتيجي على طاولة الحكومة الإسرائيلية المقبلة. واستطاعت عمليات المقاومة، المتواصلة منذ بداية العام الجاري تقريباً، استنزاف جيش العدو، وإفشال حمْلته العسكرية «كاسر الأمواج»، والتأكيد أن مستوطنات الضفة، مهما كثّفت أجهزة الاحتلال الأمنية حراستها والانتشار فيها، لن تتحوّل إلى ملاذ آمن للمستوطنين، وهو ما أكده الهجوم الأخير، وأيضاً ذلك الذي سبقه عندما نفّذ الأسيران يوسف عاصي ويحيى مرعي عملية من المسافة صفر قبل 6 أشهر على مدخل مستوطنة «أرائيل» نفسها، متسبِّبَين بمقتل حارس أمن المستوطنة، وقبلهما عملية الشهيد عمر أبو ليلى، وهجوم الشهيد أشرف نعالوة. ويلفت المختصّ بالشأن العبري، عصمت منصور، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنه «في ظلّ المناخ السياسي في أرائيل، واقتراب تسلّم حكومة يمينية متطرّفة مقاليد الحُكم في إسرائيل، ونتائج الانتخابات الأخيرة، وبعد ظاهرة عرين الأسود والحملة الأمنية، وانتشار 60% من جيش الاحتلال في الضفة، نجحت العملية، وكانت موجعة، وهذا يثبت أن التهديدات والانتشار الأمني المكثَّف وحالة التأهّب وعمليات القتل والاقتحام لا تفلح كلّها في منعْ الهجمات». ويرى منصور أن «كلّ الأدوات الإسرائيلية ستفشل، سواء جاء نتنياهو أو بن غفير، وخاصة أن الحوافز موجودة»، معتبراً أن «العمليات الفردية هي الخطر الأكبر الذي تُواجهه إسرائيل». ويشير إلى أن «التخبّط الذي يسود أجهزة الاحتلال الأمنية يأتي بسبب حالة المباغتة التي يولّدها منفذ العملية، وهذا يدلّل على أن الجيش والأمن غير مهيَّأَيْن للتعامل معها».