لا تملك الحكومة رؤية لمعالجة الفجوة التمويلية المقدّرة مبدئيّاً بنحو 17 مليار دولار
وما يطلبه «الصندوق» في المراجعة، هو معرفة سبب التأخُّر في الطروحات الحكومية والاستقرار على تنفيذ عمليّات البيع بما يضمن دخلاً بالدولار للحكومة، إلى جانب استفسارات واستيضاحات حول نشاط العديد من القطاعات التي بدأت تتضرّر مجدّداً من جرّاء تأخُّر الإفراج عن السلع في الموانئ وغيرها من القيود غير المعلَنة على الاستيراد، والتي تنفّذها الحكومة بشكل منفرد بعدما تعهّدت بالتراجع عنها قبل موافقة «النقد الدولي» على القرض. وتُقدَّر المبالغ المطلوبة للإفراج عن السلع العالقة في الموانئ، بنحو أربعة مليارات دولار، وهو ما يعادل ربع المبلغ الذي وفّرته الحكومة نهاية العام الماضي، للحصول على الشريحة الأولى من القرض، في وقت يطلب فيه «الصندوق» مزيداً من التحريك لأسعار المحروقات، في موازاة خفض إضافي لقيمة الجنيه، ليصل إلى حوالي 40 جنيهاً لكلّ دولار، في خطوة من شأنها أن تزيد من حدّة الفقر، حتى في ظلّ برامج الحماية الاجتماعية الهزيلة المطبّقة. ولا تمتلك الحكومة، حتى الآن، رؤية لمعالجة الفجوة التمويلية المقدَّرة مبدئيّاً بنحو 17 مليار دولار، علماً أن جزءاً رئيسيّاً منها معتمِد على عمليّات بيع الأصول والتمويلات الميسّرة التي ستحصل عليها مصر من شركاء خليجيين وبعص الحلفاء الدوليين، فيما تعمل أيضاً على استغلال مواقف «صندوق النقد الدولي» الداعمة للاقتصاد المصري راهناً، من أجل حصْد مزيد من الدعم الدولي، والذي كان آخره الحصول على 7 مليارات دولار من «البنك الدولي» من خلال برنامج تمويلي يستمرّ حتى عام 2027.
وعلى رغم المؤشّرات الاقتصادية التي تتحدّث عن نموٍّ متوقّع بقيمة 4% في الربع الثاني من العام الجاري، وبلوغ خطط النموّ الحكوميّة 5% في نهاية العام المالي الحالي، أي نهاية تموز المقبل، إلّا أن هذه الأرقام لم تنعكس بشكل واضح على الوضع الاقتصادي في البلاد، وسط غضب شعبي غير مسبوق بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
لكن المؤكد هو أن رؤية الإدارة الجديدة التي عيّنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لـ«المركزي»، العام الماضي، بعد سلسلة إخفاقات للإدارة السابقة، باتت تنهار بشكل تدريجي بما ينذر بالأسوأ خلال الفترة المقبلة، ليس فقط بسبب استمرار تراجُع الاقتصاد غير النفطي وهروب الشركات إلى الخارج وخروج المستثمرين من البورصة وتزايُد الفجوة بين قيمة العملة في السوق الموازية والسعر الرسمي، ولكن أيضاً بسبب التأخُّر في اتّخاذ القرارات المطمئنة، وسط اضطراب حادّ في الأسواق بما يعطّل حتى المشاريع القائمة.