المستوى السياسي يسعى إلى إبقاء الإسرائيليين في حال «تنويم» لشعوره بأن الأرض تميد تحت سيقان مشروعه
فجر 14 نيسان الجاري، كان هاغاري على موعد مع اختبار بدا فيه كمن يحاول التربّع على عرش تلامذة المدرسة الغوبلزية. ففي مؤتمره الذي عقده في أعقاب الرد الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق، قال إنّ «1 % فقط من الصواريخ والمقذوفات الإيرانية وصلت إلى أهدافها، و99 % منها قد تم إسقاطها». يمثّل تصريح مثل هذا، فضيحة على مستويات عدة، إذ إن جلّ المصادر التي رصدت الحدث، وبعضها غربي وازن، يقول إن إيران أطلقت نحو 331 صاروخاً باليستياً وطائرة مسيرة، وذلك يعني، وفقاً لغوبلز الإسرائيلي، أن 3 صواريخ أو 3 طائرات فقط وصلت إلى أهدافها. وبنتيجة المتابعة لما نشرته مواقع مستوطنين إسرائيليين، وناشطين فلسطينين، يمكن تشكيل صورة قريبة عما جرى في قاعدتي «رامون» و«نيفاتيم» ومدينة إيلات، والتي أظهرت الشرائط تعرضها لانفجارات متلاحقة، ناهيك عن أن عدداً من تلك الشرائط كان قد بيّن صواريخ وطائرات وهي تعبر سماء الخليل والقدس، ما يعني أنها أفلتت من «المصيدة» الفرنسية والأميركية التي نُصبت لها في السماوات الأردنية. وبالتدقيق، وبعد حذف المكرّر الذي تبرّره حالات التصوير من مواقع مختلفة، يمكن الجزم بوقوع ما بين 52 و60 انفجاراً على الأقل على الأرض وليس في السماء، مع الأخذ في الحسبان أن ثمة انفجارات أخرى كانت قد حصلت بالتأكيد ولم يتمكن أحد من رصدها.
الأكيد هو أن المستوى السياسي في إسرائيل برمته يعرف أن هاغاري يكذب، ويعرف أيضاً أنه ستكون للفعل تداعياته التي ستتدحرج لاحقاً، كما كرة الثلج، عندما يحين وقت «فتح السجلات» لإجراء جردة حساب لا مفرّ منها، لكن ذلك المستوى يدرك أن ما يفعله هاغاري هو تغليب «الضرورة» على «الحقيقة»، لأن الكيان بحاجة الآن إليه وإلى أكاذيبه لكي يظل الإيمان بـ«النصر» قائماً، لدى جمهور يستيقظ على حقائق ووقائع مختلفة عن تلك التي رسخت في الذهن والوعي. ذلك أيضاً يفسّر أن صوت هاغاري كان هو الغالب في الداخل الإسرائيلي، حيث ضاعت أصوات من نوع صوت الجنرال الاحتياطي رام أميتاخ، المستشار المالي السابق لرئيس الأركان الإسرائيلي، الذي قال إن تكلفة 4 ساعات مرّت على إسرائيل فجر 14 نيسان، كانت بحدود 1.3 مليار دولار. ورغم أن الأخير تعمّد الخوض في التكلفة المادية، لربما بحكم اختصاصه، من دون الذهاب إلى مقاربات أشد تأثيراً من حيث النتيجة، إلا أن الفعل أتى في سياق إيقاظ الجمهور من حال «التنويم» الذي يسعى إليه مستوى سياسي بات يشعر بأن الأرض باتت تميد تحت سيقان مشروعه.