حسن علّيق«بدّن يقتلونا؟»، سأل مرتعباً أحد مسلّحي تيّار المستقبل الذين أسرهم مقاتلو المعارضة في منطقة الظريف. حاولنا عبثاً تهدئة الشاب الذي لم يتوقّف جسده عن الارتجاف. لا يبدو أنه تجاوز العشرين من العمر. كان مقرفصاً، ممسكاً رأسه بيديه، ومسنداً ظهره إلى حائط. كان مسلّحو المعارضة يحيطون به قبل أن ينضم إليه أربعة من زملائه الذين لم يستطِع أحد منهم التحكم بجسده ومنعه من الاهتزاز. لم يوقف المسلح اعتداءه على الشبان الأسرى إلا بعد حضور «الحاج» الذي ظهر من سلوك المسلّحين معه أنّه مسؤول عنهم.
كرّر أسرى آخرون طرح السؤال علينا: هل سيقتلوننا؟ أعلمناهم أننا صحافيون ولا علاقة لنا بالمسلحين، وأن الأخيرين سلّموا عدداً من زملائهم إلى المخابرات. «مين المخابرات يعني؟»، عاجَلنا بهذا السؤال أسير بدا عليه الإعياء. «مخابرات الجيش، الجيش اللبناني». لكنّ الجواب لم يطمئن الشاب الذي بدأ بالبكاء.
اقتربنا من أحدهم. بدا أنه متماسك أكثر من غيره. أوضحنا له أن باستطاعته عدم الإجابة عن أي من أسئلتنا، وأننا لسنا سوى صحافيين، وأنه غير مجبر على التحدّث معنا. أخبرنا أنه من بلدة المحمرة العكارية، وأن عمره 19 عاماً. وأضاف: «أتيت إلى بيروت قبل أسبوع. قالوا لي إنني سأعمل في شركة أمنية خاصة، وعندما علمت أن الأمر معركة مسلّحة، رميت سلاحي وغادرت مركزي». أخبرنا الشاب أنه لا يعرف أسماء الشوارع، وأنه لم يكن يعلم إلى أين يذهب بعد خروجه من مركز عمله، قبل أن يوقفه مسلحو المعارضة. نفى الأسير أن يكون قد خضع لأي دورة عسكرية، فقد كان ينوي فقط العمل في الشركة. زميل له، في السابعة العشرين من عمره، قال إن لديه ثلاثة أبناء، وإن والده مريض بالسرطان، وإنه لم يخرج من عكار بهدف القتال: «أنا موظف في شركة «سيكيور بلس» الأمنية، وأعمل فيها منذ سنة ونصف، ولم أحمل السلاح قبل اليوم. وعندما أعطوني سلاحاً رميته. فأنا لن أقاتل حزب الله».
يحضر مسلّح بدا التوتر جلياً في تصرفاته، مصطحباً أسيراً جديداً. ألصقه بالحائط وصوّب رشاشاً إلى رأسه. لم يكتفِ بالتصويب والصراخ، بل بدأ يضرب الأسير بسلاحه على رأسه. وبحركة سريعة، صوّب الرشاش إلى الأرض مطلقاً رصاصة بين قدمي الأسير، لتتطاير حجارة أصابت أحد المستقبليّين في رجله.
يأتي «الحاج» مسرعاً ليبعد المسلّح المتوتّر عن الأسرى الذين طلبوا شرب الماء. حمل «الحاج» قنينة، وطلب من الأسرى الوقوف. صبّ لهم الماء ليغسلوا وجوههم وأعطاهم ليشربوا.