أنطون الخوري حربتراوح الأجواء السياسية بين الترقب والتوثب، ففيما تنتظر المعارضة مآل التطورات المتأتية من المواقف العربية والدولية بغية انطلاق حركة التفاوض لحل الأزمة، تتوثب قوى السلطة لتثبيت مواقعها من جهة، ولتسجيل نقاط إضافية على المعارضة، ولكل من الطرفين مفكرته الخاصة.
الأولوية لدى المعارضة، بحسب أحد نوابها الكسروانيين، تتمثل بالحفاظ على الاستقرار العام ومنعه من الانهيار، وذلك من طريق ضبط النفس والتحلي برباطة الجأش وتهدئة القواعد، فيما تمتلك السلطة الأجهزة الأمنية والإدارات الرسمية التي من البديهي أن تكون معنية قبل غيرها على الصعيد الأمني. ويسود هذا الواقع نوع من التوازن الضمني التلقائي تحكمه معادلة انتفاء قدرة أي طرف على حسم الصراع، وتظهر إشارات إلى الحرص المتبادل على استمرار هذا التوازن. لكن مصادر مقربة من الرئيس السنيورة أكدت لـ«الأخبار» أن هذا النوع من التوازن والاستقرار مرتبط باستتباب الهدوء الأمني بعيداً من خروق كالتي حصلت في السابق، من تفجيرات واغتيالات سياسية بدأت بعد تأليف الحكومة وكان آخرها استشهاد النقيب وسام عيد. وتجزم هذه المصادر «بعدم القدرة الحكومية على احتواء أية مضاعفات تنجم عن اضطراب أمني. لذلك فإن المواقف المهدئة لم تعد كافية، وأصبح من الضروري فتح حوار مع أركان المعارضة منعاً لاتهام السلطة بالتقصير وتحميلها المسؤولية، كما يحول دون اتهام السلطة للمعارضة بتغطية الخروق الأمنية والسكوت عن الجهات التي ترتكبها. كما ترى المعارضة أن التعاون الأمني المنشود بينها وبين الحكومة يقوم في الدرجة الأولى على اقتناع الطرفين بأن الأمن في لبنان أمن سياسي في المقام الأول، وأنه لا مجال لتحقيق الأمن خارج الوفاق، «لكننا إذا سلّمنا بأن الخلاف السياسي يجب أن يُدار سلمياً، فعلينا صيانة سلمية الخلاف على قاعدة تقديم كل طرف أقصى درجات التعاون. ومثل هذا التعاون لا يتحقق عبر الوسطاء، بل بالجلوس إلى طاولة واحدة ووضع كل الخلافات السياسية جانباً والاكتفاء بالتركيز على السبل الكفيلة بتوفير الاستقرار الأمني الذي يتطلّب آليات محددة تبدأ بتأليف فريق مشترك للتنسيق بين الأجهزة الحكومية والمندوبين الأمنيين لدى المعارضة. لكن هذا التعاون يجب أن يكون لبنانياً صرفاً لا تدخّل فيه لأي جهاز خارجي إقليمي أو دولي بحجة تقديم المساعدة على غرار ما حصل مع المخابرات الفدرالية الأميركية والأوروبية».
وتقترح السلطة في هذا الإطار عدم قبول المساعدات الأمنية الخارجية بل توسيع إطارها ليشمل المساعدات العربية التي يوافق عليها الطرفان، أو أن يكون هذا التعاون قائماً مع دول عربية وأوروبية بعيدة من الاصطفاف السياسي الداخلي، أو بتعبير آخر «مساعدات حيادية». وتعلق المعارضة على هذا الاقتراح بالتأكيد على البعد السياسي الخارجي ضمن إطار الوفاق المماثل للوفاق السياسي الداخلي المطلوب لتعزيز الأمن، «لذلك يبقى أن نتكل على أنفسنا للتعاون من أجل الاستقرار، وعدم تحويل هذه الحاجة إلى باب واسع تدخل منه الأصابع الخارجية التي قد نعرف أين تبدأ ألاعيبها ولا أحد يعرف أين تنتهي».
يتفق فريقا السلطة والمعارضة في لبنان على ضرورة تحقيق الاستقرار الأمني عبر الوفاق السياسي، لكن الطرفين يختلفان على آلية العمل لتحقيق هذا الهدف.