نادر فوزأسلوب دبلوماسي، هواء «زيادي»، عبارات مختارة، هي الميّزات التي يلاحظها ضيوف مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله، نوّاف الموسوي، حيث لا مشكلة في استضافة صحافيين، لبنانيين وأجانب في الوقت نفسه «ما دامت الأمور واضحة»، فيما تحمل دقائق الخلوة معه بعض الأخبار القيّمة البعيدة عن الإعلام و«اللطشات الرحبانية» اللازمة.
تزامناً مع المناورات الإسرائيلية جنوباً وتنقّل الرئيسين نبيه برّي وفؤاد السنيورة بين مطارات الدول العربية وحالة الركود الداخلية، يقول الموسوي إنّ الأوضاع مستمرة على حالها، حتى يرفع الفيتو الأميركي عن التوافق اللبناني، في إشارة منه إلى عدم جدوى أية دعوة للحوار الداخلي أو أي اجتماع عربي. ويقدّم مثلاً على ذلك: «اتّصل وليد جنبلاط بالسيّد حسن نصر الله لإعلان استعداده لمنح المعارضة الثلث المعطّل، لكن الاتصالات الأميركية منعته من ذلك واعدةً بالمزيد من الدعم».
المناورة الإسرائيلية، كما أشارت بيانات حزب الله وكلمات مسؤوليه، لها أبعاد إسرائيلية داخلية قبل أي بعد يطال المقاومة، فهدفها الأول «إثبات الوجود الصهيوني ورفع معنويات الأمنيين والعسكريين، إضافةً إلى توجيه رسالة تفيد بأنهم جاهزون ومستعدّون» لخوض حرب جديدة تضاف إلى سجل الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي.
وبالهدوء نفسه، يشرح المستويات الثلاثة التي تواجه بها إسرائيل «الحزب»: العنصر الأمني والاستخباري هو المستوى الأول الذي تحدّث فيه عن محاولات اختراق الصفوف الداخلية لحزب الله، وإعداد اغتيالات لتصفية مسؤوليه والوصول إلى مخازن الأسلحة وتفجيرها. ثم ينتقل الموسوي لعرض المواجهة في مستواها العسكري، فيذكر التحضيرات الإسرائيلية العسكرية والمدنية ومحاولة دفع حزب الله للقيام بردة فعل على خرق إسرائيلي، ليشدّد: «نحن قادرون على مواجهة أي انتهاك إسرائيلي أو الردّ عليه، فلا شيء يمنعنا من ذلك».
السياسة الأميركية المفرطة في دعمها لإسرائيل، وبعض الدول العربية، وأهمها السعودية، تؤدي دوراً هو المستوى الثالث في مواجهة مشاريع المقاومة، والطرف الداخلي الأهم هو الفريق الأكثري الذي يستمرّ في هجومه على سلاح الحزب ومشروعه. لكن الموسوي يطلق تطميناً لجمهور المقاومة وإنذاراً لأعدائها ورأسها الغربي: «اليوم حزب الله يخاطب الغرب بلغته ومنطقه وأسلوب تفكيره، نسخنا عن الغرب آلياته وأصبحنا نتساوى وإيّاه».
للسعودية محطة خاصة عند الموسوي، فيتناول الطموح السعودي التاريخي للسيطرة على القرار العربي: أولاً «تقويض دور المملكة الهاشمية، ومن بعدها المعارك السياسية مع الملك فيصل في سوريا»، ليشير إلى أنّ الدور السعودي بدأ في لبنان خلال عهد كميل شمعون. وعن المحاولات السعودية لإضعاف النظام السوري، يذكر الموسوي الدور المهم الذي منحه آل سعود لرفعت الأسد «عند مرض الرئيس حافظ الأسد، لكن الأخير تعافى وعاد إلى الحكم». وعن وفاة الأسد الأب، كانت المحاولة نفسها، إلا أنّ «الرئيس بشار الأسد استطاع متابعة الحكم من دون أن يتمكن رفعت من وضعه «تحت إبطه» والسير في المسار السعودي».
وقبل الحديث عن الوضع الداخلي لحزب الله، يجيب الموسوي عمّا تردّد في الآونة الأخيرة عن تعديل القرار 1701 بإبدال «وقف العمليات الحربية» بـ«وقف إطلاق النار». «إنه أمر مستحيل، إذ يعني التخلّي عن الصراع والأسرى وشبعا»، أي إعلان الهدنة مع إسرائيل. ويكمل في السياق نفسه مشيراً إلى أنّ هذا التعديل يؤثر سلباً على السياسة الإسرائيلية.
حزب الله أُجبر على دخول متاهات السياسة الداخلية بعدما «طُعن من الخلف بضربة من الداخل فيما كان يتوجّه جنوباً»، واعتصام «البلد» له رمزية مهمة جداً، بغض النظر عما إذا نجح أو فشل، «إنه خط الدفاع الأول في وجه رأس الحربة»، أي السرايا.
والنظام اللبناني، بحسب الموسوي، مبني على الوفاق بين الطوائف، و«يجب أن يكون لكل طائفة رأسان لتمشي عجلتها»، أما الطائفة السنية فرأس واحد، «ما يؤخر عمل الطائفة والوطن». ويشير إلى أنّ تيّار المستقبل عاجز عن المحافظة على شعبيّته، «ففي الحدّ الأقصى من تعبئته اليوم، يستطيع جمع 40% من الطائفة السنيّة».
أما المخطط المطروح منذ 1985 لخلق انشقاقات في الطائفة الشيعية، ففشل لأن التحالف بين حركة «أمل» والحزب وثيق، «ويحاول وليد جنبلاط المحافظة على قنوات الاتصال مع الرئيس بري مفتوحة علّه ينجح في استمالته»، فيما الأكثريون الآخرون قطعوها نهائياً. وعن مأدبة عوكر التي تجمع شخصيات شيعية بهدف فرط الطائفة الشيعية، يعلّق «السيّد»: «كل هذه الأمور لن تنفع، بل على العكس ستنظّف الخشبة من نسرات الخشب الموجودة حولها».