عمر نشابة
لم يعطّل «الثلث المعطّل» (الذي لم يولد أساساً) مشروع المحكمة الدولية الخاصة لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري كما كان يحذّر البعض إذ أقرّه «مجلس الوزراء» أول من أمس. لكن يبدو أن إقرار نظام المحكمة لم يأت مساعداً للعدالة والوحدة الوطنية.
كيف؟
استقال ستة وزراء بسبب منع إشراك شريحة اساسية من اللبنانيين في القرارات المصيرية، وبعد رفض التكتل السياسي الحاكم إعطاء مهلة زمنية تمنح الوزراء الوقت الكافي لقراءة نصّ نظام المحكمة قبل إقراره. لكن استعجال رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الموافقة على نظام المحكمة الدولية الخاصة ليس مستغرباً. فـ«الاكثرية» الحاكمة التي ينتمي اليها دائمة الاستعجال، حتى لو كان ذلك على حساب العدالة:
استعجلت مجموعة «14 آذار» إدانة واتهام سوريا علناً منذ اللحظات الأولى التي تبعت اغتيال الحريري وقبل انتهاء التحقيق، لا بل قبل بدء المحاكمة؛ واستعجلت في تصديق الشاهد زهير الصديق الذي وصفه لاحقاً تقرير لجنة التحقيق الدولية بالمشتبه فيه؛ واستعجلت في إرسال معلومات الى الامم المتحدة عن تهريب سلاح من سوريا وايران الى حزب الله؛ واستعجلت قوى «الاكثرية» أيضاً باقتناعها بأن العدوان الإسرائيلي ـــ الاميركي على لبنان يمكنه أن يضعف خصمهم السياسي... وهي تستعجل اليوم اعتماد نظام المحكمة الدولية الخاصة بمفردها ومن دون إشراك فئة اساسية من اللبنانيين.
لماذا كلّ هذا الاستعجال؟ هل من سرّ يخفيه الآذاريون على اللبنانيين؟ لماذا لا تستطيع «الاكثرية» انتظار أيام لقراءة المشروع قبل إقراره؟ لماذا يستمرّ النواب الحريري وجنبلاط وحلفاؤهم بإدانة جهة قبل انتهاء التحقيق الدولي الذي طالبوا به هم أصلاً وقبل المحاكمة التي يتمسكون بها اليوم؟ لماذا لا يمكنهم الانتظار حتى يصدر الحكم ويوفروا بذلك على الناس والبلد انقسامات حول مسألة وطنية عامّة اساسها كشف قتلة الحريري ومعاقبتهم؟
هل ترفض «الاكثرية» أن تفهم أن نظام العدالة يتطلّب منهجية وتسلسل: التحقيق فالاتهام فالدفاع فالحكم فالاستئناف فالعقوبة. والمطلوب محكمة لإدارة نظام العدالة.
لماذا تزيد مجموعة «14 آذار» انقسام البلد برفضها حكومة وفاق وطني يشارك جميع أعضاؤها بإقرار نظام المحكمة العادلة؟
لماذا تعطّل «الأكثرية» نظام العدالة؟