«يُعفى من اختبار كفاءة طالبي الانتساب، أبناء المحامين حصراً ويُستعاض عن الاختبار الخطي بمقابلة مع مجلس النقابة». هذا ما تنصّ عليه المادة الحادية عشرة من النظام الداخلي لنقابة محامي الشمال. هكذا، يكفي أن يكون والدك محامياً لتضمن مستقبلك في سلوك مهنة المحاماة في الشمال. بند «التوريث المهني» الذي يسمح لأبناء المحامين بدخول النقابة من دون الخضوع للاختبارات لا يزال يثير جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والقانونية منذ أقرته نقابة محامي الشمال قبل نحو ست سنوات. المؤيدون يرون فيه حقاً مكتسباً يجب تعميمه وعدّه من ضمن الامتيازات التي يجب أن يتمتع بها المحامي لعدد من الاعتبارات التي تفرضه.
أما الرافضون فيجدون فيه ظلماً في حق طلبة الحقوق الذين ينحدرون من خارج دائرة أصحاب المهنة، ويرون أن المهنة التي تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة أطاحت مبدأ العدالة والمساواة الذي تكافح من أجله.
يوضح نقيب سابق للمحامين، في حديث إلى «الأخبار»، المبررات التي خرجت منها فكرة إعفاء أبناء المحامين من الامتحانات. يشير أولاً إلى أن دولاً عدة يطبّق فيها مبدأ توريث المهنة أو ما يماثلها، فيلفت إلى أن مهنة الكاتب العدل في فرنسا تُجيز أن يتسلم الابن مكتب والده من دون حاجة إلى أي إجراء يُذكر. ويقول إن القرار بُني على اعتبارات عدة، أبرزها الجو البيئي الحاضن المتوافر لأبناء المحامين الذين يكبرون في كنف مكاتب آبائهم فيعتادون الأجواء القانونية، وبالتالي يكونون مهيّئين أكثر من غيرهم للخوض في غمار المهنة. أضف إلى ذلك، الشق المعنوي، إذ إن هذه الخطوة تأتي بمثابة تكريم للمحامين، ولا سيما أن هناك عدداً من الأسماء اللامعة لمحامين بارزين في تاريخ المهنة أُغلقت مكاتبهم لأن أبناءهم لم يتمكنوا من اجتياز اختبار النقابة.
أحد المحامين أكد لـ«الأخبار» أن «الدوافع الكامنة خلف هذا القرار كانت رغبة بعض الزملاء في إعفاء أولادهم من شرط الامتحان»، مشيراً إلى أنه لا أسباب أخرى تُبرر هذا التمييز، ولافتاً إلى ما يتردد عن أن المادة الحادية عشرة من النظام الداخلي لنقابة محامي الشمال وضعت «كرمى لابن أحد النقباء أو أحد أعضاء مجلس النقابة».
ورأى محامٍ آخر أن هذه المادة «تهدم أبسط حقوق الإنسان، أي مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص»، مشيراً إلى أن فكرة التوريث في المحاماة «مرفوضة، شأنها شأن التوريث في القضاء والسياسة».
ولفت إلى أن هذا البند «بات رمزاً للتمييز بين حاملي الشهادة نفسها في قطاعٍ يُفترض أنه قطاع العدالة والمساواة». ورأى المحاميان أن إبقاء المفاعيل السارية لهذا «البند ـــــ الفضيحة» يأتي بمثابة خرق لكل أسس المساواة المعتمدة.
وفي الإطار نفسه، أقر نقيب المحامين في الشمال بسام الداية بوجود انقسام في الآراء حيال المادة الحادية عشرة من التنظيم الداخلي لنقابته، مشيراً إلى أن لدى كل من المؤيدين والمعارضين حججهم المنطقية. وشدد على أن التنظيم الداخلي للنقابة في حاجة إلى «نفضة» وإلى إعادة بناء هيكليتها من جديد. وقال الداية في حديث إلى «الأخبار» إنه بصدد تعديل النظام الداخلي للنقابة، لافتاً إلى أنّ الكثير من البنود والمواد فيه بحاجة إلى إعادة نظر. ويشير نقيب المحامين الحالي إلى أن النقيب السابق عبد الرزّاق الدبليز هو عرّاب المادة الحادية عشرة التي وافق مجلس نقابة محامي الشمال عليها يومذاك.
بند «التوريث المهني» محصور في نقابة محامي الشمال ولم يصل إلى نقابة محامي بيروت بعد. أحد أعضاء مجلس نقابة بيروت قال في حديث إلى «الأخبار» إن للنقابة حق التقدير في قبول المحامي لديها أو رفضه، مشيراً إلى أن «المعايير واضحة» في هذا الخصوص. وقال إنه يؤيد مسألة انتساب ابن المحامي إلى النقابة من دون الخضوع لامتحان، لكنه لفت إلى أنه ضد «الكوتا» لجهة اعتماد عدد محدد للمحامين الداخلين للنقابة، فلا يؤخذ أبناء المحامين أولاً، فيما توزّع المقاعد الباقية بين أبناء العامة. وكشف عضو النقابة أن المسألة لا تزال قيد الدرس في نقابة بيروت، نظراً إلى ردود الفعل المتوقعة في وجه خطوة كهذه.
مقارنة
يؤخذ على نقابة المحامين في الشمال تشريعها «توريث المهنة»، لكن يُسجل لها أن رسم الانتساب إليها أقل مما هو عليه في بيروت. أما التنظيم الداخلي للنقابتين، فيكاد يكون متشابهاً. أضف إلى ذلك أن عدد المحامين المسجّلين في نقابة طرابلس يبلغ نحو 1200 محام فيما يفوق عدد المحامين المسجّلين في نقابة بيروت 10 آلاف محام، علماً أن أحاديث تدور في كواليس النقابتين تتحدث عن رغبة غير معلنة بخفض عديد المحامين المنتسبين اليهما. وبحسب متابعين لهذا الملف فإن ذلك يبرز جلياً في صعوبة الأسئلة وتدني نسبة الناجحين من المتقدمين للانتساب الى النقابة. كذلك يُسجّل لنقابة طرابلس أن مركز النقيب فيها تجري مداورته كل سنتين بين المسلمين والمسيحيين فيما هذا العرف ليس معتمداً في نقابة بيروت.
علامتان إضافيتان
ذكر أحد أعضاء نقابة المحامين في بيروت لـ«الأخبار» أنه يؤيد إدخال كل من أبناء القضاة والمحامين إلى نقابة المحامين دون إخضاعهم لامتحانات قبول، رغم الأصوات المعترضة التي سترفض ذلك. وتحدث المحامي عن مراعاة في الوقت الحالي يحظى بها أبناء المحامين المتقدمين للامتحانات، سواء لجهة مساعدتهم في الامتحان الشفوي أو عبر منحهم علامتين إضافيّتين في الامتحانات الخطية التي يخضعون لها. أما مسألة المساواة في الفرص التي قد يضربها قرار كهذا، فرأى المحامي أن إيجابياته أكثر من سلبياته. فهو قد يضرب مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، إلا أنه سيسمح لأبناء المحامين بإكمال ما بدأه آباؤهم، ما سيُسهم على المدى الطويل بارتقاء مستوى العاملين في المهنة!
11 تعليق
التعليقات
-
إلا أنه يبدو مستغرباً فيإلا أنه يبدو مستغرباً في المهن التي تتطلب أكثر بكثير من إتقان الأعمال التي تتطلب براعة يدوية فقط---والله؟! فقط! انه المحاماة أهم؟ يعني المقدمة خلتني غض الطرف عن قراءة المقال
-
هذا التميز موجود أيضا" فيهذا التميز موجود أيضا" في الجامعة اللبنانية حيث أن أبناء الأساتذة الجامعين يحق لهم دخول كليات الطب والصيدلة بمجردالنجاح في امتحان الدخول علما" أن هذه الكليات تخضع لمباريات دخول والمنافسة فيها كسر عظم والأعدهد تكون محددة مسبقا"هذا بالاضافة للتميز الطائفي كما ان أولاد الأساتذة يدخلون الدراسات العليا أيضا" دون الخضوع لأي منافسة حتى لو كانو ما بيعرفوا يفكو الحرف بلد التميز
-
بلد الفشل والفاشلين ،البشريةبلد الفشل والفاشلين ،البشرية تتجه نحو الفضاء وشعبنا يتجه نحو الحضيض...ونقابة المحامين في بيروت والشمال بحاجة الى دم شباب يعني بدهن نفض، الاشخاص وليست القوانين...الناس صارت بعصر الانترنت والعولمة ونحن لا نزال نناقش حالة ابن المحامي...والشعب يكاد يموت جوعاً... انا مغترب وكلما قررت العودة الى لبنان أرى آلاف الأسباب التي تمنعني وأهمها هذه العقول البالية التي تتحكم بالشعب بطرق عفى عليها الزمان...
-
برافوبرأيك نقيب المحامين شبح ؟ وثانيا القانون المجحف بحق بقية المحامين واضح والذي على أساسه ارتكز الموضوع. ثالثا من المعروف أنه من حق الكاتب التكتم عن الأسماء التي يريدها.
-
من قال ان مهنة المحاماة شريفة؟"إلا أنه سيسمح لأبناء المحامين بإكمال ما بدأه آباؤهم، ما سيُسهم على المدى الطويل بارتقاء مستوى العاملين في المهنة" و كيف سوف ترتقي المهنة على يد راسب في الامتحان او على الاقل لم يثبت انه قادر على النجاح. فلجاوب هذا الفصيح؟
-
انا والدي طبيب عيون وقياسا علانا والدي طبيب عيون وقياسا على مبدأ التوريث العوض بسلامتك وكلك نظر
-
الاقطاعين الجددالمشكلة عندي وأنا من الجنوب وكوني متعلّم ومدير في كبرى مشاريع الخليج , أن يتم توزير الحزبيين ومعظمهم أمّيين (تعلّم محدود) والاقطاعين وغير الاختصاصين من الطبقة المثقفة والمتعلّمة في جنوب لبنان ويكفي عودة الى وزراء الحزب والحركة لتأكيد ذلك
-
شو حلووو الحكيشو حلووو الحكي!
-
لم يعد ينقصنا إلا تشريع الواسطة والتمييز العنصريأنا محام لدي خبرة 14 سنة في ممارسة المهنة (أنا منتسب إلى نقابة بيروت). أرى أنه من المعيب جداً أن تأتي نقابة المحامين سواء في الشمال أو في بيروت وتشرّع هذا التوريث البائد. إن المهنة تشكو أصلاً من عدم الكفاءة وقلة الدراية بالقانون، فيستعيض المحامي عن قلة خبرته ببذخ المال يميناً ويساراً للرشاوى والواسطة ليتمكن من تدبير أمره بدلاً من معرفة القانون وممارسة المهنة. إن قرار نقابة الشمال لا سند له سوى السماح لإبن أحد النقباء السابقين بدخول المهنة بدون إمتحان، وهذا النقيب السابق يعرف تماماً مدى فشل إبنه، فقرر أن يخالف القانون بدل أن ينفضح بمستوى جهل إبنه للقانون. أضف إلى أن بيع اسئلة الإمتحان في كلية الحقوق يؤدي إلى تخرج طلاب حقوق ليس لديهم أي فكرة عن القانون، بدليل أن إمتحان دخول النقابة في الشمال الأخير نجح فيه 4 من أصل 213
-
دولة مع التوريثمهنتي مزدوجة وهي عاطل عن العمل وبنشر عرض الدولة وأنا ضد التوريث لكن كل الأمور في لبنان تدل إني راح ورث إبني نفس المهنة
-
شو المحامين أشباح؟هل تكلم الكاتب مع أشباح فأين أسماؤهم؟ ولا اسم في الموضوع كله!!!!!!