حلّ الكوميديان السوري الكبير، دريد لحّام، أخيراً ضيفاً على برنامج «إنسان» (إعداد وتقديم عطية عوض)، في واحدة من إطلالاته القليلة على السوشال ميديا. أسئلة كثيرة قد تتبادر إلى الأذهان: ماذا سيقول «غوّار» في هذه الظروف الاقتصادية العصيبة التي ترزح تحتها البلاد؟ وما هو جديده الذي سيقدّمه إلى جمهور لا يمكن أن يملّ من أعماله القديمة؟ وهل المنبر الذي اختاره مناسباً، وخصوصاً أنّه معروف باللهاث خلف الترند وإثارة الجدل؟لن يطول الوقت قبل أن ينحو الضيف باتجاه استعادات ممزوجة بالحنين لبداياته كموظف كان يتقاضى 450 ليرة سورية تمكّن من وضع قدمه على طريق واضح في عيش كريم، وكيف صار الموظف اليوم بحاجة إلى راتب كبير ليؤمّن يوميات تشبه تلك التي كان يعيشها لحام في مطلع حياته المهنية؟ ثم ذهب اللقاء إلى مكان خجول جداً في طريقة طرح الأسئلة وصياغة الأفكار، من دون امتلاك ثقافة وافية للغوص عميقاً في المواضيع التي يتطرّق إليها الضيف. وبسبب بساطة المادة المُعدّة، عاد الفنان الذي قارب الـ 90 من عمره لتكرار إجابات يعرفها جمهوره جيداً، ثم غرق في النوستالجيا وراح يروي فيضاً من يوميات عائلته في «حي الأمين» وصعوبة العيش في أسرة كبيرة قوامها عشرة أولاد يقطنون مع والديهما في غرفة واحدة، في أكثر بقاع العالم كثافةً سكانية. وعن المهن التي عمل فيها، حكى عن الحدادة والخياطة والكي، ليضيف إليها «التشعيل» التي انطلق منها للحديث عن التنوّع الديني الكبير الذي كان يتسيّد الشام القديمة. هكذا، كان يهود دمشق يمتنعون عن إشعال النار أيام السبت تماشياً مع طقوس دينية، ما دفع دريد الطفل إلى العمل في مهنة إشعال النار بدلاً منهم ليتمكنوا من شرب قهوتهم الصباحية!
طبعاً، أهم ما جاء في الحلقة هو الإفادة الأخيرة عندما سأله المذيع عمّا يخيفه، فقال: «من الاستخابرات»! صمت المقدّم، فاستطرد صاحب «كاسك يا وطن»، بالقول: «لأنّهم يصدّقون أي إخبارية لدرجة أنّه يسهل على شخص أذيّتك بمجرّد أن يكتب تقريراً كيدياً عنك... لو كانت أجهزة الاستخبارات في بلادنا تبحث في ما يصلها من تقارير لكانوا أصدقائي، لكنهم لا يكلّفون أنفسهم عناء البحث، بل يصدّقون فوراً... كثير من الأبرياء راحوا ضحية تلك الصيغة الخاطئة في العمل». ثم أضاف: «رغم أنّ أجهزة الاستخبارات كانت تسمى في السابق الخدمة الذكية، ما يعني أنّهم يجب أن يكونوا أذكياء». هذا القدر من المصارحة والجرأة، يحتاج نجماً بقدر دريد لحّام حتى يتمكن من البوح به.