لا يمكن ذكر اسم سركون بولص من دون أن نستعيد «جماعة كركوك». لقد ضمت هذه الجماعة أكثر تجارب الشعر العراقي الستيني طليعيةً وموهبة: سركون بولص وفاضل العزاوي ومؤيد الراوي وجان دمو وصلاح فائق... كذلك فإن اجتماع هذه الكوكبة من الأسماء الشعرية الموهوبة في مدينة صغيرة وبعيدة عن بغداد، منح الجماعة خصوصيةً وفرادةً إضافية. معظم هؤلاء كان يتقن اللغة الإنكليزية، وهذا ما أفسح لهم المجال للذهاب مباشرة إلى المصادر والتجارب التي كانت الحداثة العربية بالكاد بدأت بترجمتها وتبنّيها، بوصفها مؤثراً ضرورياً وفاعلاً في صنع النسخة العربية من الحداثة وقصيدة النثر. والرافد الأجنبي كان له حضور شبه دائم في القصيدة العراقية. في هذا السياق، يمكن الاستشهاد بتجارب بدر شاكر السياب وجبرا ابراهيم جبرا وسعدي يوسف من الرعيل الأسبق. إذ يمكن تتبّع أثر الشعر الانكليزي والأميركي في أعمال هؤلاء وكذلك في أعمال اللاحقين. ولعل الاطلاع المبكر على الشعر الأميركي والتأثر به تدخّلا في تكوين نبرة سركون بولص التي بوسعها أن تُري القارئ صياغتها العربية وحساسيتها المختلطة والمهجّنة في آن واحد. لهذا رأى سركون بولص في إحدى مقابلاته «أن الترجمة تجعل جميع اللغات والكتابات تتداخل وتتلاحم لتخلق شيئاً جديداً»، ناصحاً «كل شاعر أن يعرف لغة أخرى وأن يحاول الترجمة حتى لو كان ذلك من أجل لذته الخاصة نصفته تمريناً».