strong>جورج موسى
لكلّ “واقع” تلفزيونه... ورسائله السياسية! و“ستار أكاديمي” الذي يعود هذا المساء لا يشذ عن القاعدة. تلفزيون الواقع مجدداً في ديار العرب، فيما شباب لبنان تلفّه الدوامة... هل تعمّد البرنامج الشهير البقاء على موعده؟ وكيف يتجاوز صخب الشارع؟

كلنا يتذكر انطلاقة «ستار أكاديمي 1»... يومها، دشّن المشهد الفضائي العربي عهداً جديداً. دخل تلفزيون الواقع بيوتنا. هبّت رياح التغيير في ديار العرب وعرف الجمهور شيئاً يشبه الديموقراطية: لعبة سمحت لهم باختيار نجمهم عبر التصويت (في انتظار أن يختاروا يوماً زعيمهم السياسي). انتفضت جماعات متشددة، وطالبت بمنع البرنامج، ووصلت المعركة حدّ استقالة وزير إعلام كويتي بسبب الترخيص الذي وقعّه لإقامة حفلة طلاب الأكاديمية في بلاده. فعل «ستار أكاديمي» ما لم يفعله أي برنامج آخر. برامج «تلفزيون الواقع» التي تختبئ خلف الدعوة إلى حرية التعبير، ربط بعضهم ظهورها في عالمنا بتحولات العولمة التي تدخل جرعة من «الديمقراطية» إلى منطقة «مظلمة» مثل الشرق الأوسط... تبعاً لخطة بدأت في العراق ولم تنته في لبنان.
وسط هذه الضجّة «القوميّة»، كانت LBC الرابح الأكبر. شكّل البرنامج امتحاناً لها تفوقت في جميع مراحله. أوقعت المشاهد في فخّ التصويت الذي درّ عليها عشرات الملايين، حتى وصلت المنافسة الفنية إلى معركة إقليمية. فجّر البرنامج سباقاً بين مصر والسعودية والكويت وتونس والمغرب والجزائر... وبات محمد عطية شغل الناس في القاهرة، وطاردت المعجبات محمد خلاوي وهشام عبد الرحمن في جدة. في ذلك الوقت، كان السعوديون يعرفون نتيجة المعركة سلفاً. هم لن يسمحوا لأي دولة أخرى بأن تهزمهم بعدما فعلتها مصر سابقاً. وعلى رغم صدور قرار رسمي في المملكة بوضع حدّ لعملية التصويت، انتهز بعض الشبان فرصة «ستار أكاديمي» ليعلنوا بشكل غير مباشر رغبتهم بالتغيير الاجتماعي والسياسي. هكذا فاز هشام عبد الرحمن في الموسم الثاني. وفي السنة الثالثة، قلبت «ال بي سي» المعادلة، وحاز لبناني اللقب. أراد هذا البلد الصغير أن يلعب مع الكبار، وتخلت المحطة اللبنانية عن بركة المعلن السعودي...
في منتصف هذا العام، دخل الإعلام العربي مرحلة جديدة أخرى: اقتحم العدوان الإسرائيلي التلفزيون، فبدّل ملامحه كلياً. وباغتت ضراوة الغارات الفضائيات التي شرّعت أبوابها لـ»تلفزيون واقع» من نوع آخر. لكن الأحداث المتسارعة لم تسمح للتقنيين بالتفنن كثيراً في لعبة المونتاج. شكلت الحرب امتحاناً لمحطات التلفزيون العربية: كيف تقدّم الحقيقة لجمهورها؟ ما موقفها من الرواية المزيفة التي روّج لها الإعلام الغربي؟ باختصار، بعد عدوان تمّوز (يوليو)، لم يبقَ المشهد الفضائي في العالم العربي على حاله. لكن مهلاً، من قال إن «تلفزيون الواقع» لم يعد صالحاً لخدمة «الواقع». ألا يسجل «ستار أكاديمي 4» موقفاً سياسياً في هذا التوقيت؟ لم يستطع المشاهدون إخفاء دهشتهم من قرار «أل بي سي» بالمغامرة في تقديم برنامج ضخم، وسط الظروف الأمنية والسياسية التي يعيشها لبنان.
وفي هذا البلد، ينقسم الشباب إلى ثلاث فئات: أولهم يعيش اليوم في الشارع، وقسم آخر مسمّر أمام نشرات الأخبار ينتظر دوره للنزول أيضاً إلى ساحة المعركة، وقسم ثالث يبحث عن المجد والنجومية... وسط كل هذا، هل يفوّت «ستار أكاديمي» فرصة صور مضادة لما يحصل في ساحتي الشهداء ورياض الصلح؟ وخصوصاً أن المحطة لم تكن تبدو يوماً معنية بالاعتصام المفتوح الذي دعت إليه المعارضة!
بعيداً من السياسة، ما الجديد الذي ستقدمه الأكاديمية إلى طلابها؟ سيدخل الطلاب محترف الفن، سيتعرفون الى أساليب عملية ومنهجية تولي الأهمية الأولى للإبداع والتجديد، والغوص في الذات والابتكار... قبل أن يتخرجوا مغنين أو ممثلين... و «نجوماً»! نجوميتهم أن يكونوا نجوماً... إذ إنهم لا يقدمون شيئاً يذكر في أغلب الأوقات.
ينطلق «ستار أكاديمي 4» هذا المساء في سهرة مميزة، ضيوفها وائل كفوري ونجوم «ستار أكاديمي 3». وفي اتصال مع «الأخبار» آثرت المسؤولة الإعلامية عن البرنامج سنا اسكندر عدم تقديم أي معلومات «كي لا تحرق مفاجآت السهرة الأولى». ونفت كل ما تناقلته وسائل الإعلام الخليجية أخيراً عن لسانها، من أن الأكاديمية ستقدم جائزتين هذا العام، واحدة للشباب وأخرى للفتيات... كما نفت أن تكون أسماء المشتركين حددت سابقاً!
وبين الموالاة والمعارضة، سيدخل «ستار أكاديمي» حتماً بعض الصور الملوّنة إلى قلب المشاهد الذي عاش صيفاً ساخناً وخريفاً عاصفاً. وها هو البرنامج يؤكد، مرة أخرى، أن برامج الفرح لا يمكن أن تصدّر إلى العالم العربي... إلا من بيروت! بعدما دار حديث عن انتقال البرنامج إلى دولة خليجية، واستعداد تونس لاستضافة «ستار أكاديمي المغرب العربي». لكن أكثر ما يخشاه المشاهد أن تكون سهرات «ستار أكاديمي» نذير شؤم، كما حصل في نسخته الثانية، حين كانت ليلة الجمعة تبدأ مع حدث أمني يؤجّل «البرايم» أويحــصرها فـــــــقط على القناة الفضائية!