عن القمع والعسف الجسدي، يصبح «قبلة في الليل» (2014 ـــ 13 د.) لملاك مروة كابوساً لا يطاق. مريض إجرامي يحتجز فتاة، ليداوم على اغتصابها. هو القامع، الجاثوم، الغول، «البعبع» الليلي. الرعب الكامن في أبشع تجليّاته داخل غرفة كالحة. المقموع جاهز للقمع، والضحية مستعدّة للانقلاب. الأمر بهذه البساطة والقسوة. لا ننسى أنّ الفيديو آرت في البداية والختام خيار موفّق لبثّ الغثيان في النفوس.
لم يخطئ أوليفر ستون في «قتلة بالفطرة» (1994). ها هم يجولون صحراء الأردن في «3:30» (2012 ــ 15 د.) لحسين إبراهيم. السينمائي اللبناني/ التركي صاحب شهادات في العمارة والسينما. يرصد المكائد بين ثلاثة رجال وفتاة تحت شمس الظهيرة. الجثّة المرميّة في صندوق السيّارة الخلفي لن تبقى وحيدةً. الموت يجرّ بعضه. المبالغة إحدى نقاط ضعف الشريط، إضافةً إلى ترهّل السيناريو، وضعف أداء بعض ممثّليه. قاتل آخر يطلق ضحكات مجلجلة في I لعلي الأنصاري (1992). السينمائي القطري الذي درس الإعلام في جامعة «بانغور» في ويلز، يؤفلم في شريطه هذا (16 د ــ 2012) قصّة إدغار آلان بو الشهيرة «القلب الواشي» عن سيناريو لفهد الكواري. معالجة تفتقر إلى العمق والنضج الكافيين لتقديم طرح فلسفي كهذا. كذلك، نجد في فيلموغرافيا الأنصاري روائياً قصيراً بعنوان «قرار» (2014 ـــ 16 د.)، عن قطر ما بعد الحياة المدنية. ناطحات الدوحة متهاوية. الزومبي ينشطون ليلاً في الشوارع والمولات، جاعلين مغادرة المنزل قراراً صعباً. «أنا أسطورة» لفرانسيس لورنس جليّ الوضوح والتأثير. رغم بقائه على السطح، إلا أنّه يُحسَب لعلي الأنصاري خوضه هذا الجنر في سنّ مبكّر، ما يبشّر بتطوّر أكبر في الرعب القادم.
أخيراً، تصل لاريسا صنصور (من مواليد القدس 1973) بشريطها التركيبي Nation Estate . كالعادة، تولّف السينمائية والتشكيلية الفلسطينية المقيمة في لندن بين السينما والفيديو آرت والفوتوغراف، لإنتاج خيال علمي سياسي المحتوى. بعد دراسة الفنون الجميلة في كوبنهاغن ولندن ونيويورك، بقيت قضيّة بلادها هاجساً دائماً. في هذا الشريط (10د ــ 2013)، تختصر كل فلسطين في ناطحة سحاب. يكفي طابق لكلّ مدينة، ومربع لشجرة زيتون وحفنة من التراب. بسخرية مريرة، تقول إنّه لم يبقَ أمام الفلسطينيين سوى الخيار العمودي لشكل الدولة المنشودة، مع استيلاء إسرائيل الدائم على الأرض. ما بين اليوتوبيا والديستوبيا، تأتي النهاية الحزينة لتاريخ عريق. Nation Estate هو المشروع الذي فجّرت صوره الأولى فضيحة «لاكوست» الشهيرة عام 2011. آنذاك، استُبعِدت صنصور من «جائزة لاكوست/ إيليزيه 2011»، بعدما وجدت شركة الملابس ذائعة الصيت أنّ المشروع «منحاز» للفلسطينيين. بعد فشل الضغوط على لاريسا، قام مانح الجائزة (متحف «إيليزيه لوزان») بتجميد المسابقة، وأوقف تعاونه مع علامة «التمساح»، منتصراً للفن وحريّة التعبير. في A Space Exodus ، قفزت لاريسا صنصور على سطح القمر كما فعل نيل أرمسترونغ (يُفترَض أنّه فعل) لغرس علم فلسطين، مناجيةً روح ستانلي كوبريك في «2001: أوديسا الفضاء» (1968). لا ننسى جديدها التجريبي «في المستقبل، أكلوا من أفخر أنواع البورسلين» (2015، 30 د.)، إذ تناولت الصراع الأركيولوجي بين فلسطين وإسرائيل، من خلال افتراض حضارة من الخزف، حتى تعثر عليها حفريات المستقبل. تريد التأكيد: «لقد كنّا هنا».
* عرض الأفلام القصيرة العربية: الأحد 18 أيلول ـــ س:19:00 ــــ «ستايشن بيروت» (مار مخايل) ـــ للاستعلام: 71/684218
RUINES انقاض from STANK on Vimeo.
3:30 from Hussen Ibraheem on Vimeo.