تميّز بقوة قصته، ومهارة حبكته، وأداء ممثليه
سبيعي عرف بدور أبو صيّاح صاحب المقهى «القبضاي والزكرت» وجبر صاحب شخصية «أبو عنتر» من قصص ومسلسلات وأفلام «غوار الطوشة» شخصية دريد لحام الأثيرة والشهيرة في آنٍ. سبيعي وجبر قدما أداءً يليق بسمعتهما كرواد للعمل الدرامي والأداء التمثيلي. إذ كنّا أمام هدوء سبيعي وقدرته على تقمص أدوار «القبضايات» كبار السن والمقدّرين من قبل الجميع فيما جبر استخدم مهارته كرجل ذي نخوة وحمية عالية، فضلاً عن استخدامه صوته وحركته الجسدية بسهولة وسلاسة. عباس النوري بدوره قدم واحداً من أدوار عمره، قد لا يذكره الناس كثيراً مع شعره الأسود وشاربيه الكبيرين في هذا الدور، خصوصاً مع تفوقه الأدائي السنوات الأخيرة في مسلسلات وأدوار مثل «مع وقف التنفيذ». هنا نرى النوري شاباً صغيراً غاضباً ومكافحاً. نسائياً أظهرت سامية الجزائري مهاراتها في هذا المسلسل، هي التي تعتبر مع شقيقتها صباح، واحدة من نجمات الجيل الذي أتى بعد المرحلة الأولى أو ما يمكن تسميته اصطلاحاً «مرحلة غوار». كثيرةٌ هي الأسماء الكبيرة التي مرّت في المسلسل: فلا يمكن نسيان سليم كلّاس (بدور ديبو الحلاق) أحد أبرز الوجوه الدائمة في الدراما، وبسام كوسا الموهوب بدور «حمدي القاق»، وخالد تاجا (أبو عبدو) الماهر الذي أعطى للعمل الكثير من قوته. نسائياً برزت هالة شوكت بدور والدة محمود، ووفاء موصلّلي في واحد من أدوارها الأولى في الدراما السورية، وتولين البكري -ولربما هذا كان أوّل أدوارها- بدور زوجة محمود الصغيرة اللطيفة والمطيعة.
إخراجيّاً؛ وقبل أن يصبح الراحل بسام الملا عرّاب الدراما الشامية، أتى هذا المسلسل ليكون بمثابة التجربة المهمّة التي فتحت الباب أمامه. استخدم المخرج الراحل تقنيات كانت جديدة في تلك الأيام: الكادر الضيق، والكادر الواسع؛ الكادرين التلفزيونيين الذين أصبحا بمثابة سمة لأعماله. استخدم نظام «الحارة» الدمشقية من خلال الدكاكين المتلاصقة، والفراغ بينها الذي لا يتسع إلا لعربة «الكارلو التي يجرها الحصان». كل هذه التفاصيل اهتم بها الملا وجعلها بمثابة «ثيمة» لهذا النوع من الدراما، التي أصبح عرّابها وملكها غير المتوج.
بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على ظهور «أيام شامية»، لا يزال المسلسل يستحق المشاهدة، لقوة قصته، ومهارة حبكته، وأداء ممثليه، وفوق كل هذا لمخرجه حامل فكرة «الدراما الشامية» وصاحبها الأثير.
«أيام شامية» على «شاهد»