خلال مسيرته المهنية، أنجز جود سعيد مجموعة أفلام روائية طويلة تخللها ثلاثة مسلسلات تلفزيونية. لكن الشغف يبدأ وينتهي عند الفن السابع. البداية كانت من فيلمه الأوّل «مرة أخرى» (حائز جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان «سان فرانسسيكو» وأفضل فيلم عربي في «مهرجان دمشق») ثم فيلم «صديقي الأخير» (2012) و«بانتظار الخريف» (2015 ـ حائز جائزة أفضل فيلم عربي في «مهرجان القاهرة» ـ آفاق السينما العربية) تلاه واحد من أفضل أفلامه هو «مطر حمص» (2017).
جود سعيد وسلاف فواخرجي

إذ قدّم الشريط سبراً عميقاً لما عاشته «عاصمة الفكاهة السورية» من ويلات، متكئاً على حكاية متماسكة تمكّن من خلالها من استعراض إمكاناته، وطاقته كمخرج يملك عيناً سينمائية خاصة. تلا ذلك فيلم «رجل وثلاثة أيام» (2017– جائزة أفضل ممثل لمحمد الأحمد في «مهرجان الإسكندرية»)، ثم «درب السما» (نال جائزة أفضل فيلم عربي في «مهرجان الإسكندرية»، وأفضل ممثل لأيمن زيدان وأفضل سيناريو) ثم «مسافرو الحرب» الذي حاز جائزة النقاد الدوليين في «مهرجان قرطاج»، و«التانيت البرونزي» للأفلام الروائية الطويلة. أما «نجمة الصبح» فقد فاز بـ «التانيت الذهبي» لجائزة الجمهور في «مهرجان قرطاج»، بينما يستعدّ فيلم «رحلة يوسف» للمشاركة في المسابقة الرسمية لـ «مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي» في المغرب. بعد هذه الرحلة الطويلة، يتحضّر المخرج السوري لتصوير فيلمه الجديد «سلمى» (كتابته مع سومر إبراهيم وطارق علاف ـ بطولة سلاف فواخرجي فيما يحلّ النجم باسم ياخور ضيف شرف إلى جانب مشاركة المخرج عبد اللطيف عبد الحميد). في حديثنا معه، يتوقف جود سعيد عند الجوهر الحكائي للشريط قائلاً: «سلمى هي حكاية امرأة تؤدي دورها النجمة سلاف فواخرجي. تعيش مع والد زوجها وابنها وابن أختها الذي أنقذته من انهيار البناء الذي كانوا يعيشون فيه أثناء الزلزال الذي تسبّب بموت والدته لتصبح سلمى هي أمه». وعن سبب اختيار قصة هذه المرأة لتكون محور العمل، يعلّق: «لأنّ سلمى مثال لكثير من النساء السوريات اللواتي فقدن أزواجهن بدون أن يعرفن لماذا. هي تبحث عن شهادة وفاة لزوجها كي تستطيع أن تواصل حياتها. تقودها رحلة البحث هذه نحو الاصطدام بكل ما نعيشه اليوم من منغّصات، سواء كانت مادية أو غير ذلك، لتجد نفسها فجأةً في موقف يفرضه عليها اعتدادها بنفسها، فتترشّح لمجلس الشعب وهنا تقودها الأقدار إلى حكاية من نوع مختلف».
اللافت هذه المرة بأنّ الفيلم إنتاج مستقل يتولاه جود سعيد مع مدير الإضاءة والتصوير المعروف وائل عزّ الدين. عن سبب خوض هذه المخاطرة، يوضح سعيد: «ببساطة لأنّنا نحبّ السينما ونرى أن السينما السورية اليوم تعاني في ظلّ غياب القطاع الخاص عن خوض تجربة السينما التجارية ومردّه غياب الصالات والبنية التحتية لصناعة السينما، ثم تحول القطاع العام إلى حالة عاجزة تماماً». ويضيف: «أنجزت فيلم «رحلة يوسف» قبل ثلاث سنوات ونصف السنة ولم تتح لي فرصة إنتاجية معقولة للتصدي لتجربة سينمائية جديدة. لذا أقدمت على هذه المغامرة مراهناً على قدرتنا على تحريك المياه الراكدة عسانا نتمّكن من القول بأن السينما السورية باقية. فهي ذاكرتنا وصورتنا التي يمكن أن تصمد بشكل طويل الأمد». من ناحيتها تعتذر النجمة سلاف فواخرجي عن عدم التصريح حول دورها في الفيلم لـ«أننا ما زلنا في بداية التحضير. والأهم هو أن نتمكّن من إنجاز فيلم سوري جيد».