يستضيف «مترو المدينة» مساء اليوم عبد الكريم الشعار في أمسية يخصّصها لأداء أغنية «وحدي أنا والكاس» التي قدّمها للمرة الأولى على مسرح «المترو» القديم عام 2017، ويُعيد اليوم تقديمها نزولاً عند إصرار القيّمين على مكان الحفلة برفقة مجموعة من الموسيقيين. يتذكر الشعار عندما قدّم الأغنية قبل سنوات. كان ذلك قبل الأزمات الصحية والاقتصادية التي قضت في السنوات الأخيرة على حماسة البعض في هذا المجال. إلا أن الشعار يصرّ على أن من يفهم الموسيقى لا يتأثر، وعليه أن يكمل ويستعيد نشاطه مهما كان. أمسية الـ2017 كانت رائعة على حد قوله. يشرح متحدثاً عن الأغنية: ««وحدي أنا والكاس» هي لمحمد مطر وهو ملحن كبير. وبما أنه عازف بزق، فهي مطبوعة بالأسلوب الـ«جيبسي» وفيها الكثير من روح الفلامنكو. فهذه هي أجواء عائلته». من يحبّ تذوق الموسيقى الطربية والأغاني الطويلة، لا شك في أنّه سينجذب إلى الشعار. فهو دائماً حاضر لتقديم الأعمال الطربية من تواشيح صوفية وأدوار وموشحات. يمتلك طاقات صوتية هائلة، تمكّنه من تأدية أصعب القطع الطربية كما يميل إلى الارتجال على المسرح خلال أمسياته الغنائية ككل المغنين الذين يقدّمون هذا النوع من الفن الغنائي. يقدم منذ وقت طويل أمسيات طربية مخصصة لكلاسيكيات عربية أغلبها يعود إلى أم كلثوم.
أما ما يميّز برنامج سهرته المرتقبة في «مترو المدينة»، فهو أنه يتألف من أغنية واحدة طويلة، وهو أمر ليس غريباً على الشعار. يقول لنا: «سبق أن أدّيت أغنيات طويلة لأم كلثوم. وكانت أجواء جميلة. المسرح ذو مساحة وليس كالتسجيل في استديو. كما أن هناك تجليات وتطريب وإعادات، والناس يشاركون المطرب المغنى، وأحياناً يغنون مكانه. نقضي وقتاً جميلاً في أجواء مميزة».
ترافق الشعار على المسرح مجموعة من العازفين أبرزهم ابن المؤلف مطر محمد الذي ورث أيضاً عن أبيه موهبة العزف على البزق، وسيكون بصحبة آلته هذه، إضافة إلى محمد نحّاس (قانون) وزياد الأحمدية (عود) وفؤاد بو كامل (كونترباص) وأحمد الخطيب (رق) وبهاء ضو (بونغوز).
أجواء موسيقى الفلامنكو التي تتميز بها أغنية «وحدي أنا والكاس»، تعود إلى أصول مطر محمد الغجرية وترعرعه في كنف عائلة بقاعية أجادت الموسيقى، فتعلم من والده العزف على البزق في وقت باكر جداً، وأصبح معروفاً بعدما بدأ يعزف في الملاهي والحفلات في بيروت كما ظهر في مسرحيات وقدّم ألحاناً شهيرة. في عام 1973، لحّن أغنية «وحدي أنا والكاس» من كلمات إيلي شويري. وكان يُفترض أن يؤديها الشعار، لكنّ ظروفاً شخصية ووضع البلد عموماً، حالا دون ذلك، مع أنه كان قد بدأ التمرين عليها وسجّل جزءاً منها. اكتشف المؤلِف الشعار خلال إطلالته في «استوديو الفن» وأُعجب بصوته وطلب مقابلته كي يعرض الأغنية عليه. لكن العمل توقف ونعرف لاحقاً أنه بات عنواناً لأغنية أداها جورج وسوف، الذي كان قد سمع مقطعاً منه. وبعد مرور عقود من الزمن، قرر الشعار أن يؤديها أخيراً أمام جمهور في نسخة طربية طويلة عمل خيّام اللامي على توزيعها، وبالطبع فيها مساحة كبيرة للارتجال. وسيكون تقديمها ثانية على مسرح «مترو المدينة» الجديد بمثابة تحية للفنانين الراحلين، وخصوصاً مطر الذي غادرنا عام 1995 بعد مرور فترة على إصابته بجلطة خلال وجوده في الولايات المتحدة.
بعد الأمسية، ينطلق الشعار في سلسلة من المشاريع يقول إنّ أغلبها في الخارج من أجل تقديم الحفلات. ويتابع ببعض الفكاهة والسخرية: «سنرى كذلك أين سيضعوننا في هذا البلد المحطّم على جميع الأصعدة. نحتاج إلى مترجمين لنفهم. من يعرف كيف كان لبنان وكيف أصبح، يدرك للأسف أن الوضع أشبه بعملية انتحارية». ويضيف من جهة أخرى: «مؤكد أن الموسيقى فسحة أمل، ولكن حتى الموسيقى باتت تشبه البلد. لا شك في أنّ هناك أشخاصاً يعرفون ما يسمعونه. حتى هؤلاء يتجهون أحياناً نحو ما هو رائج. واللبناني يتأقلم سريعاً. وينتقي بين الجيد والأقل جودة ويجد المكان الذي يناسبه. لكن حتى بوجود كل هذا التخلف والمحن، يبقى شعباً ذواقاً للموسيقى التي لا شيء يحرجها أو يأخذها إلى مكان آخر على الرغم من الأشياء المنفرة التي نراها على وسائل تواصل مثل التيك توك».

«وحدي أنا والكاس»: الليلة ـ «مترو المدينة» (أريسكو بالاس ـــ شارع كليمنصو ـ بيروت) ــ للحجز:76/309363