دمشق | هل تعرف الحروب معايير أو أخلاقاً أو أعرافاً خاصة؟ سؤال يطرحه إعلاميو سوريا هذه الأيام بعدما تركّزت جهود الأطراف المتنازعة على ترهيب الإعلاميين وخطفهم ثم قتلهم في معظم الأحيان. هكذا، كانت الأيام الماضية فرصة لتسجيل مزيد من الانتهاكات بحقّ الإعلاميين والتعدي على حرياتهم والمقامرة بحياتهم. يأتي ذلك وقد سبق أن استهدفت النيران الإعلاميين من كلا الطرفين، بدءاً من المخرج الشاب باسل شحادة مروراً بالفني محمد شما ورفاقه الذين قتلوا بعد تفجير استوديوات الإخبارية السورية في دروشة، ثم اختطاف الإعلامي والمذيع المعروف محمد السعيد، وإعلان «جبهة النصرة لأهل الشام» الإسلامية قتله من دون تأكيد الخبر حتى الآن. أضف إلى ذلك اختطاف موظف قناة «التربوية» السورية محمد علي حسين، والمصوّر في التلفزيون السوري طلال جنبكلي… بعد ذلك، مرت حادثة زرع عبوة ناسفة في مبنى التلفزيون السوري على خير من دون ضحايا (الأخبار 7/8/2012 ــ 28/6/2012). لكن ظهر يوم الجمعة، كان فريق الإخبارية السورية على موعد مع لعبة الخطف الدارجة هذه الأيام! إذ اختُطف فريق المحطة المكوّن من المذيعة يارا صالح والمصور عبد الله طبرة ومساعده حاتم أبو يحيى، وسائق السيارة. وكانت المحطة السورية قد أعلنت فوراً انقطاع اتصالها بفريق عملها بعد توجّهه إلى مدينة التل (ريف دمشق) ثم حدوث اشتباكات بين الجيش السوري والمسلّحين. لاحقاً، تضاربت الأنباء عن مكان المخطوفين، حتى نقل تلفزيون الـ«أورينت» عن مراسله في التلّ براء البوشي الذي يعمل بالتنسيق مع الجيش الحر أنّ المخطوفين موجودون في مكان آمن بعدما أُسعفوا لدى إصابة مساعد المصوّر وتخلّي الجيش النظامي عنهم. لكن لم يمض أكثر من 24ساعة حتى لقي براء البوشي نفسه حتفه إثر نزول قذيفة على المكان الذي كان فيه. بعدها، صرّح مصدر رفيع لـ«الأخبار» بأنّ فريق الإخبارية اختطف بعدما تعرضت السيارة التي يستقلّها لكمين على طريق التلّ، مضيفاً أنّ الجميع في مكان آمن من دون إصابات بالغة. وأضاف المصدر أنّ جهات تمثّل الدولة أجرت تفاوضاً مع الخاطفين، وقد توصلوا إلى اتفاق يُستعاد بموجبه الإعلاميون خلال الساعات المقبلة. وفيما كانت صفحات الفايسبوك تعج بالتعليقات المتعاطفة مع يارا صالح وزملائها من جهة ومع الصحافي الراحل براء البوشي من جهة ثانية، أعربت نائبة رئيس كلية الإعلام في جامعة دمشق نهلة عيسى عن حزنها على فايسبوك: «اختطفت يارا صالح، طالبتي الموهوبة والواعدة. واليوم فوجئت بموت براء البوشي، أحد طلابي المقربين. يارا خطفها «الجيش الحرّ» وبراء قتل ضمن صفوف «الجيش الحرّ». ابنان على مقعد واحد، ويتقاسمان قلباً واحداً، وجبهتين متضادتين! وسؤال يلتهم داخلي: من الذي حوّل يارا وبراء إلى قابيل وهابيل؟ (...) وكيف يمكن قلبي احتمال كل هذا الألم؟».وتزامناً مع ذلك، اقتحم المسلحون يوم السبت منزل علي عباس رئيس دائرة الأخبار الداخلية في وكالة «سانا» في جدية عرطوز وأردوه قتيلاً بعدما وصلت التصفية الطائفية في هذه المنطقة تحديداً إلى أوجها، وهي المنطقة ذاتها التي اختطف منها محمد السعيد. أيضاً، تلقّى عاملون في «سانا» تهديدات تطالبهم بمغادرة مكان إقامتهم وإلا فسيكون مصيرهم مشابهاً لزملائهم.
إذاً، الأزمة السورية تحصد الإعلاميين من دون رأفة ولا هوادة. وبينما تُشغَل الأوساط بين مؤيد ومعارض، هناك قافلة جديدة من الإعلاميين تستعد لتسلم الأمانة وترحل، ولا يبقى منها سوى خبر عاجل تتوزّعه المحطات المتناحرة كل على هوى سياسة المموّل وأهدافه!
8 تعليق
التعليقات
-
إلى نصّاب سوري حرّ (١ من ٢)جاءنا من زميلنا وسام كنعان رسالة عتاب مطلعها: «تصدّقون تعليقاً كاذباً، باسم مستعار، أكثر من مراسلكم وصديقكم الذي تعرفون مواقفه ومهنيّته». ونحن نقول له إننا تحفّظنا على الحكم النهائي، واكتفينا بافساح المجال للمعلّق، في انتظار استقصاءاتنا، و«محاولة فهم ما جرى». نعم نفضّل أن يخدعنا لوهلة «نصّاب سوري حرّ»، من أن تحوم شبهة، ولو عابرة، حول أيّ من كتّاب «الأخبار» بأنّه تلاعب بالحقيقة، أيّاً كان الدافع أو النوايا... ونفضّل الاعتذار الاحترازي المسبق من المزوّر (بكسر الزين) الذي انتحل صفة الدكتورة نهلا عيسى، على أن ندع التعليق يمرّ من دون ردّ فعل أوّلي. أما الآن، وبعد أن عدنا إلى الينابيع، فقد تبيّن لنا أنّك خدعتنا حضرة النصّاب الصغير، ونفضّل أن نكون مخدوعين عن طيب نيّة على أن نكون خادعين عن سابق تصوّر وتصميم. يشرّفنا أننا مفرطو الحساسيّة في مسائل الأمانة المهنيّة، حتّى على حساب زملائنا الذين نثق بهم. أما الحقيقة فهي أن كاتب التعليق أعلاه ليس نهلا عيسى، وأن مراسلنا لم يتصل أصلاً بالاعلاميّة والأكاديميّة المذكورة كي يحرّف حديثها لاحقاً، بل نقل ما نشرته في صفحتها على فايسبوك. كما أنّ أحداً لم يتصل بوسام مصوّباً كي يجيبه الأخير: «عليّ أن أراعي سياسة الجريدة»!!... وردّاً على الاتهام الأبله الذي يكشف أخلاق كاتبه، وصدقيّته وعدالة مشروعه السياسي، كتب وسام: «الدكتورة نهلة عيسى استاذتي في الجامعة، وصاحبة البوست الذي نقلته حرفياً (...). واليوم اكتفت الدكتورة نهلة بوضع إعجاب على مقالتي التي نشرتها في صفحتها، فور ظهورها على موقع "الأخبار"» . (يتبع...) بيار أبي صعب
-
شكراشكرا استاذ بيير على هذه الامانة الصحافية . هذا ما عهدناه بجريدتكم ، ما ذكر في التعليق الأخير لم يرد على صفحتي التواصلية ، انما في تعليق ل أحدالأصدقاء على الصفحة للتصحيح فقط . رأي الشخصي ورد اعلاه مع خالص الشكر و المودة تحية لك استاذ بيير ابي صعب نهلة عيسى
-
إلى منتحلة أو منتحل اسم نهلةإلى منتحلة أو منتحل اسم نهلة عيسى هذا ما كتبته على فايسبوك، ما يعني أنّك كاذب/كاذبة كتبت د.نهلة عيسى: أمس اختطفت يارا صالح,ابنتي و طالبتي الموهوبة و الواعدة واليوم فوجئت بموت براء البوشي, ابني و أحد طلابي المقربين يارا خطفها (الجيش الحر),وبراء قتل ضمن صفوف (الجيش الحر) ابنان على مقعد واحد.. ويتقاسمان قلباً واحداً .. و جبهتين متضادتين! وسؤال يلتهم داخلي, من الذي حول يارا وبراء إلى قابيل وهابيل ؟! و كيف يمكن لوردتين أفترشهما ذات الندى؛ أن يكونا عدوين؟! و كيف يمكن لقلبي احتمال كل هذا الألم؟!.. فكلاهما بضعة من الروح!
-
الأمانة رغم كلّ شيءالسيدة/ الآنسة نهلا عيسى المحترمة شكراً على تعليقك، وكما لاحظت نشر في مكانه الطبيعي، فوراً... وهذا أضعف الأيمان. سندقق في المسألة لمحاولة فهم ما جرى، آملين أن يكون مجرّد سوء تفاهم أو سوء تقدير. كلّنا ثقة بزملائنا في عائلة «الأخبار» الكبرى، وايماناً باحترامهم للقواعد المهنيّة والأمانة، حتّى في (خصوصاً في) هذه الظروف الصعبة التي لم يعد من السهولة فيها تبيّْن الحق من الباطل، والحقيقة من تصوّرات الناس لها تبعاً للأهواء والغرائز والمصالح والعصبيّات والجراح المختلفة ومشاعر الخوف الجماعي، وغير ذلك من خيارات سياسيّة واصطفافات أيديولوجيّة.... يبقى الاعتداء على الصحافيين- بغض النظر عن موقعهم - جريمة كبرى، تضاهي الاعتداء على كل المواطنين، أيّاً كانت قناعاتهم، والأبرياء الذين يسقوطن بنار الغدر، ونار الظلم، ونار القمع، ونار الصفقات السياسيّة المختلفة لادخال المنطقة في ليل بلا قرار... سلام بيار أبي صعب
-
السادة في إدارة تحرير جريدةالسادة في إدارة تحرير جريدة الأخبار لقد تفاجأت بعد قراءتي للمقال فور نزوله على موقعكم من الأقوال المنسوبة الي على لسان الصحفي الذي وعدني أن ينقل الكلام بمهنية و مصدقية وهذا ما المسه دائما في جريدتكم الغراء . لقد تم تحريف كلامي فأنا لم أقل يارا خطفها «الجيش الحرّ» وبراء قتل ضمن صفوف «الجيش الحرّ».بل أكدت أن يارا خطفت بسبب سياسات النظام القمعية و نشوء حالة معسكرة مصادة لها . وبراء قتل على يد عناصر الأمن السوري . وفور مشاهدة المقال قبل قليل أتصلت بمراسلكم وسام الذي اجرى معي الحوار و أعلمته بالخطأ مطالبة يتصحيحه فقال لي عليّ أن أراعي سياسة الجريدة . ايمانا مني بمصداقية صحيفتكم بصرف النظر عن سياستها ، اتمنى نشر هذا التعليق مع التأكيد انني لا أؤيد المعارضة و لا انظام و أخشى على سوريا وطنا و شعبا و دولة . مع خالص الود الصحافية نهلة عيسى شكرا