strong>بـوش «فخور جداً» بالسنيورة لتصدّيه لحزب الله والموفد العربي يبدأ اتصالات في دمشق ومع طهران
“أكثر من مراوحة، عدنا الى الخلف والوضع أفكّ رقبة”. بهذه العبارة لخص الرئيس نبيه بري لـ“الاخبار” حصيلة اليوم الطويل من المساعي التي يقودها الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي اتصل به مساء امس طالباً موعداً عاجلاً، لكن رئيس المجلس قال له: اذهب الى الشام وعندما تعود نرى ما نفعل معاً.
موسى كان صباحاً قد زار الرئيس اميل لحود وأبلغه أنه متوجه الى دمشق للحصول منها على دعم خاص. فسأله لحود: ماذا تقصد بالدعم الخاص، وهل تعتقد أن هناك ضابط مخابرات سورياً سوف يزورنا لاحقاً ويقول لنا افعلوا كذا وكذا. ألا تعرف أن هذا الزمن انتهى وما سوف يقوله لك المسؤولون في سوريا هو ما تسمعه الآن منا نحن. لا يمكن السير بالبلاد على طريقة هؤلاء. والحل بتأليف حكومة اتحاد وطني تمهد لانتخابات نيابية مبكرة، وأنا باق في موقعي حتى الساعة الأخيرة من ولايتي الدستورية، وليس بمقدور أحد في لبنان أو خارجه أن يعدك بخلاف ذلك.
خرج موسى وتوجه الى الرئيس فؤاد السنيورة وناقش معه ورقة أفكار عاد موسى وكتبها على أساس اقتراح للحل. ونقل ما بحوزته لاحقاً الى الرئيس بري بعدما أبلغه أنه تشاور في شأنها مع النائب سعد الحريري. وقرأ بري الورقة ورد عليه بأجوبة وطلب منه أن يدوّنها وأن يعود بها الى السنيورة والحريري.
الورقة والعودة إلى الخلف
وحسب مصدر واسع الاطلاع فإن ورقة موسى الجديدة تتضمن الآتي:
أولاً: تدعو قوى المعارضة فوراً الى وقف التحرك الشعبي وإنهاء الاعتصام في وسط بيروت والتوقف عن الدعوة الى أي نوع من التظاهر.
ثانياً: يصار الى تأليف اللجنة السداسية المكلفة دراسة مشروع المحكمة الدولية من قضاة يكون من بينهم حكماً القاضيان رالف رياشي وشكري صادر. ويصار الى درس التعديلات ضمن فترة زمنية قصيرة ومحددة يعاد بعدها المشروع الى الحكومة الحالية بعد عودة الوزراء عن استقالتهم ويتم إقرارها.
ثالثاً: لا تعمد الحكومة الى سحب مرسوم نشر المشروع في الجريدة الرسمية إلا بعد صدور مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.
رابعاً: يتم تأليف الحكومة الجديدة مباشرة بعد إقرار المجلس النيابي مشروع المحكمة.
خامساً: يتم إقرار صيغة 19 + 10 + الوزير الثلاثين الذي يجب أن يتم التوافق عليه بين الفريقين لا أن تسمّيه المعارضة وتصوّت عليه قوى 14 آذار.
سادساً: تُكتب ورقة ضمانات من قوى المعارضة بألا يصار الى الاستقالة ولا الى تعطيل قرارات الحكومة، وأن لا يتم تعديل في المواقع الوزارية.
سابعاً: يتم تحديد موعد الأول من شباط المقبل لاستناف جلسات الحوار أو إطلاق آلية تشاور برعاية عربية لأجل التوافق على رئيس جديد للجمهورية ينتخبه المجلس النيابي الحالي فوراً، ثم يصار إلى البدء بإعداد قانون جديد للانتخابات النيابية ويترك للحكومة أمر تحديد موعد إجراء الانتخابات الجديدة.
ومع أن بري وقوى المعارضة أصيبوا بالصدمة جراء ما حمله موسى، إلا أن رئيس المجلس أكد له الآتي:
أولاً: ان اي اجراء غير قانوني او غير دستوري لن يصل الى المجلس النيابي.
ثانياً: ان تحرك المعارضة لن يتوقف قبل إعلان الحكومة الجديدة.
ثالثاً: ان المعارضة لن تتخلى عن حصتها الكاملة وهي تختار الوزير المكمل للثلث الضامن.
رابعاً: ان اي مرسوم يصدر من دون توقيع رئيس الجمهورية باطل، وعلى فريق السلطة إيجاد العلاج المناسب لسحب ما نشر في الجريدة الرسمية عن المحكمة. وان اللجنة المفترض تكليفها وضع الملاحظات يجب ان تكون مؤلفة من 2 تختارهما المعارضة و2 تختارهما قوى 14 آذار و2 من الفريق المحايد. وان رياشي وصادر هما من أعد المشروع الحالي وقبلا به كما هو، وبالتالي لا يمكن ان يكونا هما القاضيين المحايدين.
وأبلغ بري وقادة المعارضة الذين اجتمعوا بموسى الموفد العربي أن فريق السلطة يريد ان يماطل بملف المحكمة دون الوصول الى نتائج لأنه لا يريد ان يحل أي مشكلة اخرى ويريد ربط كل الامور بملف المحكمة “ونحن نقول لهم صبحاً ومساءً تعالوا وجربونا”. وعلم في هذا الاطار ان موفد التيار الوطني الحر الى موسى جبران باسيل أبلغه ان التيار مستعد لتقديم الضمانات الاضافية بإقرار مشروع المحكمة بعد الاتفاق عليه في المجلس النيابي من خلال الكتلة النيابية التي تمثل التيار وحلفاءه والتي توفر الثلثين المطلوبين إذا كان فريق السلطة يتهم حزب الله وحركة امل بعدم الرغبة في تسيير أمر المحكمة لحسابات تتصل بسوريا.
بوش
في هذه الاثناء كانت الازمة اللبنانية انتقلت الى مرحلتها الاقليمية الاكثر حراجة. لكن الكلام الخارجي الاكثر حساسية هو الذي جاء على لسان الرئيس الاميركي جورج بوش بإعلانه انه “فخور جداً” برئيس الحكومة فؤاد السنيورة لـ“موقفه الحازم” إزاء سوريا و“حزب الله”. وقال بوش في مؤتمر صحافي: “لقد أثبت السنيورة صلابته وحزمه ازاء الضغوط الهائلة التي يمارسها كل من سوريا وحزب الله الممول من إيران”.
وينتقل موسى اليوم الى دمشق فيما يعود الى بيروت برفقة الموفد السوداني مصطفى اسماعيل على ان يصل قريباً موفد إيراني بعد مشاروات بين موسى ووزير الخارجية الايرانية منوشهر متكي. وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ“الأخبار” إن مهمة موسى في دمشق لها سقفان، الاول الطلب من السوريين المساعدة على التهدئة، وهو الشيء نفسه الذي طلبه من السعوديين. والثاني هو استكشاف إمكان انعقاد قمة ثلاثية مصرية ــــــ سورية ــــــ سعودية تتولى فيها مصر دور العراب لحل الازمة اللبنانية بتغطية عربية توفرها هذه القمة.
وقال موسى “هناك مجال لبناني ــــــ لبناني لتحقيق تفاهم وهناك دور آخر للفرقاء الاقليميين. ان سوريا عضو فعال في الجامعة العربية وكانت لها طويلاً علاقات مميزة مع لبنان”. وأوضح انه “على اتصال للتشاور مع وزير خارجية إيران منوشهر متكي الذي قال “ربما نجري اتصالات مع المسؤولين السعوديين في الأيام القليلة المقبلة”. وأضاف إن إيران وجهت الدعوة لموسى لإجراء محادثات مع مسؤولين إيرانيين في طهران في مسعى لإنهاء الأزمة.
وكان موسى قد التقى خلال النهار رئيس الجمهورية اميل لحود وقال “الرئيس لحود له فترة ولاية لا بد ان يبقاها” موضحا ان الاتفاق على رئيس جديد بحاجة الى فترة زمنية لم يحددها. ونُقل عنه ان صيغة لا غالب ولا مغلوب ليست موجودة في السياسة وان الحل يكون بتسوية متوازنة تتمثل بمجلس وزراء متوازن وأي حل غير هذا هو مثابة “تفتيش في الغيب”. وقال مسؤولون التقوه انه يحرص موقتاً على منع الاطراف من الاندفاع الى التصعيد خلال هذه الفترة التي يجري على قدم وساق خلالها إعداد الطبخة العربية حول لبنان، وأشار الى ان زيارته للرياض قبل ايام وزيارته لدمشق اليوم تندرجان في هذا الاطار.