حظّ مصر أن تعود عن عهدها الجمهوري، لتبقى: جمهوريّةً بالاسم، ملكيّةً بالتطبيق. ثلاثون سنة حكم فيها حسني مبارك لن يكون على ما يبدو عددها بعيد المنال عن عبد الفتاح السيسي. مرت ولاية «الجنرال» الأولى بأربع سنوات فيما يجري العمل لتعديل الثانية إلى 5 أو 6، ولتعديل آخر يفتح له ولاية ثالثة، ما يعني بحسبة بسيطة 14 - 18 سنة حكم، ثم «يفعل... السيسي ما يشاء». لكن، لتمرّ هذه التعديلات، لا بد من «الخوف» الذي يجب أن يحاصر كل شيء: المواطنين، الأحزاب، النواب، رجال النظام الحالي، رموز النظام السابق، رجال الأعمال، الإعلام... وكل ما يمكن أن يقول «لا»، أو حتى نصف «لا»، في وجه الرئيس الذي «أنقذ البلاد»! وفعلياً بدأ تطبيق الخطة منذ شهور قليلة، بعدما أطاح السيسي بخالد فوزي من قيادة «المخابرات العامة»، ليبدأ مسلسل تغوّل «المخابرات الحربية» وعهد الحكم الأمني الواحد. أما الخارج، فصار ينظر إلى الرجل كشريك «مريح»، بل تخطى ما كان يمكن أن يقدمه محمد مرسي، أو حتى حسني مبارك - الذي أتم 90 عاماً هذه السنة - لو بقي في الحكم. فغابت الانتقادات الأوروبية والأميركية في مجال «حقوق الإنسان»، وبدت إسرائيل والسعودية والإمارات أكثر ثقة بالرئيس المصري، أو فرحاً به. وإذا ما نجح السيسي في أن يكون رقماً من أرقام «صفقة القرن»، أو أن يحقق اتفاقاً ما بشأن غزة التي نجح في احتوائها منذ أكثر من سنة، فإنه سيكون قد ضَمِن تغاضياً أوسع عما سيفعله في الداخل. على رغم هذا الرضا، فإنه لا يمثّل حصانة طبقاً لتجارب سابقيه. لهذا، يكمل الرجل العمل على إطالة البقاء في الحكم، مستفيداً من خضوع البرلمان له، ليقر بسلسلة القوانين خلال الدورة الجديدة لمجلس النواب، ما هو أقرب إلى «شرائع... (حمورابي) السيسي»