لم يتخيّل كثيرون أن يتحوّل إحياء ذكرى «يوم الأرض» من احتفال فولكلوري إلى استعادة واقعية لتاريخ ذلك اليوم قبل 52 عاماً، عندما واجه الفلسطينيون مصادرة أراضيهم بأجسادهم وأيديهم الخالية من السلاح. عام 2011 مثّل علامة فارقة، حين قرر اللاجئون (في سوريا ولبنان) نقل فعالياتهم إلى الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، واستشهد عدد منهم في محاولة العبور إلى وطنهم المطرودين منه، فيما نجح عدد قليل منهم في الوصول فعلاً إلى مدنهم الأصلية. وبينما كانت المشاركة بصورتها المعتادة في الداخل، قررت غزة، في الثلاثين من آذار/ مارس 2018، أن تعيد إلى هذه المناسبة معناها الفعلي، لتتحول بعدها إلى أسلوب نضال شعبي رافقته ابتكارات شبابية نقلت المعركة إلى الساحة الإسرائيلية، فيما كانت المقاومة تُسند هذه المسيرات بمواجهات عسكرية قصيرة ثبّتت خلالها عدداً من المعادلات المهمة، ليس على مستوى القطاع فحسب، بل على صعيد القضية الفلسطينية. رغم كل الانتقادات التي وُجّهت إلى «مسيرات العودة» وأهدافها، وبعض الملاحظات المتصلة بالعدد الكبير من المصابين وربط الحدث بمفاوضات سياسية تكاد تقتصر على القطاع، فإن الأنموذج الذي قدّمه الغزاويون خلال 12 شهراً و51 جمعة تظاهر، يُسجَّل كنقطة تحوّل مهمة في مسار القضية الفلسطينية