وتلى مرسوم وزني، يوم أمس، إرسال وزير الصحة حمد حسن هو الآخر تقريره ردّاً على كتاب الأمانة العامة نفسه منذ شهر، يشير فيه الى ضرورة الالتزام بالضوابط اللوجستية والسلوك الوقائي وتطبيق إجراءات السلامة عند إجراء الانتخابات. وعدّد حسن سلسلة من الإجراءات، كاستعمال أماكن مفتوحة وذات مساحات كبيرة، وتعقيم المسطحات والصناديق، وإجراء فحوصات pcr للموظفين الرسميين، وتوضيح المسار للناخبين وتحديد الاتجاهات ومحطات التوقف، ووضع الجداريات في المراكز الانتخابية، وتأمين حبر فردي لضمان عدم انتقال الوباء عن طريق اللمس. كتاب وزارة الصحة، على ما جاء فيه، واذ يبدي ملاحظاته حول الإجراءات الوقائية التي تشكل الحد الأدنى من الضوابط الصحية المطلوبة، يشير الى أنه يعود للجهة المنفذة تقدير قدرتها على التقيّد بهذه الإجراءات. فمن دونها، «يوجد خطر حقيقي من تفشي الوباء بشكل كبير بين المشاركين، ما يهدّد السلامة العامة ويفوق قدرة الوزارة على التحمل والسيطرة على الأوضاع». ما سبق ينطبق على مستوى الوباء بتاريخ إعداد الكتاب، «أما إذا تفاقمت الأمور وزاد انتشار الوباء، فالتقييم يكون في حينه».
ردّا وزارتي المال والصحة ينتظر أن يُستكملا بتقريرين من وزارتي الدفاع والتربية، الأولى حول جاهزية الجيش، والثانية حول مدى قدرة المدارس على استيعاب العملية الانتخابية، وخصوصاً في بيروت، حيث دُمّر بعض المدارس بفعل انفجار المرفأ. وفيما يفترض بوزارة الدفاع إرسال تقريرها اليوم، ما زال وزير التربية طارق المجذوب غائباً عن السمع. أما الخطوات الباقية لوضع الانتخابات الفرعية على سكة التنفيذ، فتحتاج الى قرار صادر عن وزير الداخلية محمد فهمي يحدد فيه موعد إجراء الانتخابات؛ سبق لفهمي أن حدّد تاريخ 28 من الشهر الجاري (أي بعد خمسة أيام) موعداً للعملية الانتخابية، وهو ما لم يعد سارياً. الموعد الجديد، بحسب ما يقول لـ«الأخبار»، سيكون أول يوم أحد من شهر حزيران، أو الأحد الذي يليه: «طالما الـ8 مليارات متوافرة، يعني أننا قفزنا فوق غالبية العقبات». لذلك، خطوة فهمي التالية، إذا ما سارت الأمور من دون عرقلة، هي إعداد قرار إجراء الانتخابات وتأمين كل مستلزماتها، بما فيها الاعتمادات المالية، يليهما إصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في مهلة محدّدة بـ30 يوماً على الأقل بين تاريخ نشر المرسوم في الجريدة الرسمية وموعد الاقتراع، بحسب الفقرة الثانية من المادة 43 من قانون الانتخاب. يُرسل القرار والمرسوم للتوقيع من رئيس الحكومة ثم رئيس الجمهورية، ويُطلب من المالية تأمين الاعتمادات اللازمة لإجراء العملية الانتخابية، وهو ما قام به وزني استباقياً. يبقى أن مرسوم نقل الاعتماد يحتاج الى موافقة استثنائية من الرئيسين في غياب أي إمكانية لعقد جلسة لمجلس الوزراء. من جانبها، تؤكد مصادر بعبدا أنها «مع إجراء الانتخابات، خصوصاً إذا توافرت لها الشروط الصحية اللازمة لحثّ اللبنانيين على الاقتراع».
«المعارضة» تُرجّح عدم مشاركتها
في موازاة قوى السلطة، لم تحسم «المعارضة» قرارها بعد بشأن المشاركة في الانتخابات الفرعية، إن حصلت، إلا أن المرجح أنها لن تشارك. في الأسابيع الماضية، حصلت عدة اجتماعات على تطبيق «زوم» بين المجموعات الرئيسية التي كانت ناشطة في 17 تشرين، وجرى تقييم شامل لكل دائرة على حدة في الدوائر السبع التي ستُخاض فيها الانتخابات، ودراسة الوضع الشعبي فيها، مع الأخذ بالحسبان شرذمة المعارضة واحتمال الربح والخسارة. وقد تبيّن أن معظم المجموعات غير متحمسة للانتخابات الفرعية، رغم أنه قرار غير نهائي وينتظر تعيين موعد رسمي للاستحقاق. لكن عوامل عدة أدت الى انكفاء «المنتفضين»، ومن بينها «عدم منح شرعية لهذا المجلس الذي نعتبر أنه فقد صلاحيته التمثيلية للشعب». فالمعركة «غير مقنعة لا بالشكل ولا من حيث إمكانية إحداث خرق، نظراً إلى أن معظم الدوائر، باستثناء المتن، ستكون على أساس النظام الأكثري»، ولأن «الانتخابات تستعمل اليوم كوسيلة ضغط من قبل بري على عون وذلك سيظهرنا جزءاً من هذا الاستهداف لطائفة معينة وفريق معيّن».
وزير الداخلية يقول إنه سيحدّد موعد الانتخابات الفرعيّة في النصف الأول من حزيران المقبل
مبررات المعارضة غير مقنعة، لأن أي استحقاق انتخابي يفترض أن يُعبّر عن المزاج الشعبي بما فيه التغييرات التي تتحدث عنها مجموعات الانتفاضة. وبالتالي هي الفرصة الأبرز لتثبيت انتهاء صلاحية أحزاب السلطة، أو أقلّه ستكون مؤشراً لقياس مدى تأثير 17 تشرين وما لحقها، في الوجدان الشعبي. بنظر النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان، «يجب استغلال أي استحقاق لإجراء استفتاء شعبي، لكن رأيي الشخصي غير ملزم، فأنا جزء من تحالف «وطني» وبصورة أوسع، جزء من مجموعات المعارضة التي ستتخذ في النهاية قراراً واحداً عبر التصويت». المجموعات المؤثرة في هذا القرار، هم «لِحقّي وبيروت مدينتي والكتلة الوطنية والمرصد الشعبي لمكافحة الفساد ومنتشرون وغيرهم». وتؤكد يعقوبيان أن «هناك تعدداً في الآراء إزاء هذه المسألة، بين من يعتبرها هروباً وبين من يقول بمقاطعة الانتخابات ويعتبرها مسعى للهروب من الانتخابات النيابية العامة بعد سنة، لناحية تعبئة المقاعد الفارغة اليوم». هل ذلك يعني أنكم غير مؤيدين لإجراء الانتخابات الفرعية، رغم أن المسألة مخالفة للدستور؟ «نتخوّف أن تجرى الفرعية على وقع أجندة سياسية لتبرير التأجيل بعد سنة، وحرصهم على الدستور اليوم في غير مكانه لأنهم لم يلتزموا به سابقاً ولا حتى في الماضي القريب عند استقالتنا من البرلمان».
في مقابل قرار المقاطعة، ثمة تخوّف لدى المجموعات من تمرّد البعض على القرار النهائي بعدم المشاركة، عبر ترشح مجموعات بشكل فردي باسم المعارضة والجدل الذي سينجم عن مشروعية هذا القرار وكيفية التعامل معه. لذلك، الحكم الأخير سيصدر عند تعيين موعد لهذا الاستحقاق.
سبق لوزني أن أرسل كتاباً إلى الأمانة العامّة يسجل فيه ملاحظاته على الزيادة غير المبرّرة في الاعتمادات
من جهته، يرى المنسق العام لحزب «تَقَدُم» مارك ضو والذي سبق له أن ترشّح عن المقعد الدرزي في قضاء عاليه، أن المعركة في الشوف (مقعد درزي) وعاليه (مقعد ماروني) على أساس النظام الأكثري ستعيد تعريف الأحجام بين القوى السياسية في المنطقة. ويشير الى أن «مرشحي الثورة هم الوحيدون القادرون على اختراق تحالف وليد جنبلاط وحزبي القوات والمستقبل بسبب الصوت الاعتراضي». أي بشكل أوضح، أن الصوت المعارض لمرشحي الانتفاضة سيقود الى تصويت كل من وئام وهاب وطلال أرسلان والتيار الوطني الحر مع هذه المعارضة لكسر تحالف الثلاثي. لكن، وبحسب ضو، فإن أي قرار لم يتخذ بعد في شأن المشاركة من عدمها. وهو الموقف نفسه لحزب الكتائب اللبنانية. إذ يشير الأمين العام للحزب سيرج داغر إلى أن «الأمر لم يوضع على طاولة البحث بعد، وسنصدر قرارنا حالما يتم تعيين موعد هذه الانتخابات، علماً بأن القرار الكتائبي يخضع لأمرين: قرار المكتب السياسي أولاً، ثم النقاش الذي يفترض أن يتم مع مجموعات المعارضة التي نتحالف معها وذلك بإطار العمل المشترك الذي يجمعنا».
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا