موسكو تلوّح بضمّ أوسيتيا الجنوبية: الانسحاب من جورجيا خلال 4 أيّام انتهى اجتماع حلف شمال الأطلسي أمس بقرار تصعيد ضد روسيا، من خلال إعلانه تعليق اجتماعاته مع موسكو، التي قابلت القرار بإعلان تعليق مشاركتها في مناورات مع الأطلسي وإلغاء استقبال فرقاطة أميركية، والتلويح بضم أوسيتيا الجنوبية إلى الاتحاد الروسي
رغم حثّ الولايات المتحدة حلف شمال الأطلسي على بحث تقليص علاقاته بموسكو، بهدف الضغط عليها حتى تحترم اتفاق السلام مع جورجيا، اكتفى الحلف بتعليق اجتماعاته مع روسيا، رافضاً إيقاف المشاورات، في خطوة ردت عليها الأخيرة في الاتجاهين الكلامي والعسكري، بالتوازي مع إعلان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أن روسيا «تعزل نفسها».
ورأى حلف شمال الأطلسي أنه «لا يمكنه مواصلة علاقاته مع روسيا كأن شيئاً لم يكن، جراء ما قامت به موسكو في جورجيا»، وذلك في بيان أصدره وزراء خارجية الدول الـ 26 الأعضاء في الحلف في ختام اجتماعهم الاستثنائي في بروكسل. ودعا البيان موسكو إلى «أن تبرهن قولاً وفعلاً التزامها المبادئ التي قامت عليها علاقتناوأعلن بيان «الأطلسي» «تعليق اجتماعات مجلس الحلف مع روسيا». إلاّ أن الأمين العام للحلف ياب دي هوب شيفر أوضح أن «هذا لا يعني أننا نعمد إلى قطع كل العلاقات، عليهم أن يعودوا إلى مواقع السادس من آب. ولن نغلق باب المشاورات مع روسيا».
بدورها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، بعد اجتماع الأطلسي، إنها «حصلت منه على ما كانت تريده: دعم الحلف للديموقراطية الجورجية، وتوجيه رسالة شديدة القوة إلى روسيا، ورفضه أن ترسم روسيا خطاً جديداً في أوروبا». وأضافت أن «روسيا بتصرفاتها خلال هذه الأزمة تعزل نفسها عن مبادئ التعاون بين الأمم».
الردّ الروسي لم يتأخّر، وجاء على لسان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي قال إن بيان الحلف «ليس موضوعياً ويعكس انحيازاً، إذ وضع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي تحت حمايته»، مضيفاً أن ذلك له «تداعياته على العلاقات مع روسيا».
وبالتوازي، جاء الردّ الروسي على صعيد عسكري أيضاً، إذ أعلن المتحدث باسم القوات البحرية الروسية إيغور ديغالو، أن روسيا ألغت مشاركتها في مناورات كانت مقررة في بحر البلطيق، في إطار شراكتها مع «الأطلسي». وأفادت وكالة «الإعلام الروسي للأنباء» بأن «البحرية الروسية قالت إنها ألغت زيارة كان من المقرر أن تقوم بها فرقاطة أميركية لميناء في منطقة كامتشاتكا، في أقصى شرق روسيا، في أيلول المقبل».
ميدانياً، ازدادت التوترات العسكرية بين روسيا وجورجيا، إذ أعلنت الأولى «تشديد إجراءاتها الأمنية في المناطق الجنوبية، بعد تقارير عن أن القوات الجورجية الخاصة تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية».
ومع إصرار روسيا على بدء انسحابها من جورجيا رغم نفي الأخيرة، تراجعت موسكو قليلاً، معلنة أمام مؤتمر نزع التسلّح في جنيف، أن «القوات الروسية ستنسحب من جورجيا وفق وتيرة عودة الجنود الجورجيين إلى مواقعهم»، المدة التي حدّد لافروف أقصاها بأربعة أيام. واتهمت روسيا القوات الجورجية «بعدم العودة إلى ثكناتها كما هو مقرّر في اتفاق وقف إطلاق النار». وقال نائب رئيس الأركان الروسية، الجنرال أناتولي نوغوفيتسين، إن «سلوك جورجيا هذا يعقّد الوضع»، مشيراً في الوقت نفسه إلى استمرارية «انسحاب الوحدات الروسية».
ونفى نوغوفيتسين تقارير وسائل إعلام غربية ذكرت أن «موسكو تخطط لتزويد سفنها الحربية في بحر البلطيق بأسلحة نووية»، معلناً في الوقت نفسه أن «القاذفات الاستراتيجية الروسية ستستمر في جولات التحليق التي تقوم بها في الأجواء العالمية».
في المقابل، أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية الجورجية، شوتا وتياشفيلي، أنه «لم تُسَجَّل أي إشارة بعد إلى انسحاب القوات الروسية». وأشار إلى أن الجنود الروس «اعتقلوا 21 جندياً جورجياً، كانوا يتولون حراسة ميناء بوتي على ضفة البحر الأسود، ثم دمروا الميناء».
وفي السياق، قال المتحدث باسم البنتاغون، براين ويتمان، إن «الولايات المتحدة لم تلاحظ حتى الآن انسحاباً فعلياً للقوات الروسية من جورجيا».
وبشأن عملية تبادل الأسرى التي كانت مفترضة أول من أمس، قال مساعد القائد العام للقوات البرية العقيد إيغور كوناشينكوف، إن «الجانب الروسي سلّم جورجيا 15 أسيراً، وتسلم بالمقابل خمسة أسرى، بينهم طياران».
إلى ذلك، أعلن عضو المجلس الفدرالي الروسي، فاسيلي ليخاتشيف، أن القادة الروس «على وشك اتخاذ قرار بضم أوسيتيا الجنوبية إلى روسيا الفدرالية، الذي يمكن تبريره من وجهة نظر التاريخ والأمن الإقليمي، وطبعاً القانون الدولي».
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب، رويترز)