خيّم هدوء حذر على مقديشو أمس في ظلّ استمرار العمليّة العقيمة لـ«تسليم الأسلحة طوعاً»، التي نظّمتها الحكومة، على أن يبدأ التّطهير بالقوّة في حال انقضاء المدّة اليوم سلباً.وفي استمرار للمنحى التصاعدي لحرب التّهم التي تشنها إريتريا على إثيوبيا، وكان آخرها اعتبار التدخّل في الصومال «عملاً إرهابيّاً»، وصفت أسمرة أمس رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي بأنه «مرتزقة يعمل لحساب الولايات المتحدة» و«كاذب مهووس»، معتبرة أنّ الصومال سيصبح «مستنقعاً» لقوّاته.
وهاجم وزير الإعلام الإريتري، علي عبده، رئيس الوزراء الإثيوبي أمس، معتبراً إيّاه خادماً يأخذ أوامره من الولايات المتّحدة. وقال عبده إنّ «زيناوي زعم وجود ألفي جندي إريتري على الأراضي الصوماليّة، ذلك مثله مثل أسلحة الدمار الشامل في العراق: أكاذيب».
ميدانيّاً، واصلت القوّات الإثيوبية والصومالية عمليّات المطاردة للعثور على زعماء «المحاكم» في أقصى جنوب البلاد، قرب الحدود مع كينيا، حيث قامت سلطات نيروبي بإبعاد متسللين صوماليين.
وأفاد وزير الإعلام الصومالي علي جامع، أمس، بأنّ عمليات المطاردة، لإلقاء القبض على فلول ميليشيا المحاكم وقادتها، لم تؤدّ إلى إلقاء القبض على أي منهم.
وفرّ المقاتلون الإسلاميون وقادتهم، من آخر معاقلهم في كيسمايو، وهم حاليّاً، على ما يفيد جامع، في غابة عند الحدود مع كينيا، أقصى جنوب البلاد.
وتمّ نشر قوّات كينيّة على طول الحدود الشّماليّة الشّرقيّة لها مع الصومال، وسط تصاعد مخاوف من أن يمتدّ القتال الشرس إلى كينيا، بعدما اندلعت معارك بالقرب من مدينة لامو الساحليّة الكينية.
وكانت الشرطة الكينية قد اعتقلت أمس 10 صوماليين في مدينة ليبوى، فى الإقليم الشمالي للبلاد، يشتبه في أنّهم مقاتلون ينتمون إلى المحاكم وفروا من القتال في كيسمايو.
وذكرت مصادر في الشرطة الكينية أنّه عثر في حوزة بعض المتهمين على جوازات سفر كنديّة وكميّة كبيرة من العملات الأجنبية، يُعتقد أنّها كانت تستخدم لتمويل الإسلاميين.
ومن جهته، قال المتحدث باسم الحكومة الصّوماليّة، عبد الرحمن ديناري، أمس إنّ العفو المقترح على المقاتلين الذين يسلّمون أسلحتهم، لا يشمل القادة الإسلاميين، الذين يشتبه بأنهم على علاقة بتنظيم «القاعدة». وأوضح ديناري «لن نمنح العفو للقادة الإسلاميين، إنهم متهمون بالإرهاب وهذه جريمة دولية».
ومن ناحية أخرى، أعلن مقرّبون من رئيس تنظيم «المحاكم»، الشيخ حسن طاهر عويس، الذي تطارده قوّات مشتركة من الجيش الإثيوبي والقوات الصومالية بعنف وشراسة، أنّ عويس لا يزال حيّاً يرزق، وأنّه لم يتعرض لأي إصابات ولم يتم اعتقاله.
وقالت المصادر، لـ«الأخبار»، إنّ عويس مستمرّ في إدارة «المحاكم» من مخبئه السرّي، مشيرة إلى أن لديه نحو 30 مقاتلاً مستعدين للموت دفاعاً عنه قبل تسليمه.
وفي القاهرة، كرّرت الجامعة العربيّة أمس دعوتها جميع الأطراف المعنية بالأزمة الصومالية إلى استئناف المفاوضات الصومالية التي ترعاها الجامعة والاتحاد الإفريقي.
ورأى مدير إدارة التعاون العربي الإفريقي ومسؤول ملف الصومال في الجامعة العربية، سمير حسني، الذي سيتوجّه اليوم على رأس وفد من الجامعة إلى كينيا للمشاركة في اجتماعات خاصة في الصومال تعقد في نيروبي، أنّ هذه الأزمة لا يمكن أن تُحلّ إلا بتعاون عربي إفريقي. وشدد حسني على رغبة الجامعة في تحقيق تسوية سياسية «بأسرع الآجال» لاستيعاب قوى «المحاكم» باعتبارها قوى سياسية عليها أن تشارك في قسمة السلطة في الصومال.
إلى ذلك، اجتمعت دول أوروبية في بروكسل أمس لدفع إحياء عملية السلام في الصومال قدماً. وقال وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت، قبل الاجتماع، «نحن حريصون على أن تكون هناك عملية سياسية شاملة في الصومال... من دون ذلك سيكون من الصعب تحقيق الاستقرار».
وأضاف بيلدت ووزير الخارجية النرويجي يوناس جار ستوير: إنهما سيحثّان القوات الإثيوبية على مغادرة الصومال سريعاً، لكن من دون التسبب في فراغ سياسي، وسيناقشان إمكان نشر قوة دولية لحفظ السلام.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب، الأخبار)