بدا أمس أن العراق، أو على الأقل وسطه وجنوبه، خرج بالكامل عن سيطرة حكومة بغداد، ومن ورائها الاحتلال، بعدما تحولت العاصمة الى مسرح لتفجيرات "منسقة"، عقب إعلان تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، الحرب المذهبية على الشيعة، وذلك بعد أيام قليلة من إطلاق عشائر الأنبار، معقل المقاومة السنية، نداءً دعت فيه العراقيين الى عدم الانخراط " في ما لا يرضي الله "، ووجهت انتقادات قاسية إلى" الأعمال الطائشة التي يقوم بها مجلس الشورى التكفيري"، في وقت ظهر فيه الاحتلال الأميركي عاجزاً عن حماية جنوده وأطلق عبر مكبرات الصوت "توسلاً " يدعو العراقيين الى عدم مهاجمته.ودعا مجلس شورى المجاهدين، وهو تحالف تنظيمات مسلحة يتقدمها القاعدة، في بيان على الإنترنت، السنة الى "مجاهدة هؤلاء الذين استباحوا دماء المسلمين"، مضيفاً إن "مؤتمرات المصالحة لن تنفع"، مع الشيعة الذين اتهمهم بالسعي "للقضاء على أهل السنة في العراق، وإنشاء دولة رافضية صفوية" في إشارة الى إيران.
في هذا الوقت، قُتل 70 عراقياً وأصيب 176 بجروح في هجمات متفرقة في الموصل والسماوة والرمادي والفلوجة وسامراء وبغداد، حيث هزت سبعة انفجارات منسقة بالصواريخ والسيارات المفخخة أحياء، تقطن فيها غالبية شيعية، مكتظة بالسكان.
وقال أحد الضباط في الشرطة العراقية إن «المباني سويت بالأرض»، مضيفاً إن «هناك أناساً ما زالوا تحت الأنقاض».
وأعلن الاحتلال الأميركي مقتل أحد جنوده في الرمادي، فيما نجا ديبلوماسيون بريطانيون، يعملون في السفارة البريطانية في بغداد، من هجوم بالقنابل تعرض له موكبهم في حي المنصور قرب المنطقة الخضراء.
في هذه الأثناء، كانت قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) تناشد سكان محافظة الأنبار، عبر مكبرات الصوت، عدم مهاجمتها. وسارت دوريات الاحتلال في مدن الرمادي والفلوجة وهيت والقائم، وهي تطلق النداء التالي "أيها المواطنون الكرام.. تنوي قوات الجيش الأميركي الانسحاب من العراق، والعودة إلى الولايات المتحدة. مثلما لديكم أطفال وعوائل، لدى كل جندي أميركي أطفال وعائلة. نريد العودة بسلامة وأمان، لأن توجيه الضربات الصاروخية وزرع العبوات الناسفة يعوّق موضوع انسحاب قواتنا من بلادكم".
مع ذلك، أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في مؤتمر صحافي، أن الحكومة العراقية تأمل تسلم مهمات الأمن في معظم المحافظات « بحلول نهاية العام»، موضحاً أن القوات الأميركية « ستسلم في الشهر المقبل محافظة ثانية لقوات الأمن العراقية»، في إشارة الى محافظة ذي قار الجنوبية. أضاف المالكي إن العراقيين « قد يديرون هذا العام كل أنحاء العراق، عدا بغداد ومحافظة الأنبار».
وبالتزامن مع ازدياد أعمال القتل الطائفية، أطلقت شرطة مدينة كربلاء خطة أمنية، تتضمن نشر سبعة آلاف شرطي في المحافظة، لحماية الزوار الشيعة في منتصف شعبان الهجري، ذكرى ولادة الإمام المهدي التي تصادف في التاسع من الشهر الجاري. وفي بوخارست، أعلن الرئيس الروماني تريان باسيسكو أمس أن بلاده تدرس "احتمال خفض" عديد قواتها المنتشرة في العراق.
وفي واشنطن، أفاد استطلاع للرأي، أجرته جامعة كوينبيباك الأميركية، أن أكثر من ثلث الأميركيين، وثلثي الديموقراطيين، يعارضون الحرب في العراق.
إلى ذلك، قال المفتش الأعلى لحسابات برنامج إعادة إعمار العراق، ستيوارت باون، إنه كان على واشنطن أن تكون "أسرع في استخدام شركات محلية للمساعدة في إعادة بناء العراق، بدلاً من الاعتماد على شركات أميركية لا تمنحها عقودها حافزاً للحد من التكاليف". أضاف باون إن "الهدر يمثل مشكلة"، مشيراً إلى أن "ستة مليارات دولار ابتلعتها تكاليف حماية المواقع من الهجمات".
(الأخبار، يو بي أي، أ ف ب،
أ ب، رويترز، براثا، بدرنيوز)