بغداد | سيناريوات عدة يرسمها إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، بقرار من المحكمة الاتحادية، والذي أسفر عن استقالة وزراء ونواب منضوين في حزب «تقدم» الذي يتزعّمه الرجل من مناصبهم، ومقاطعتهم الجلسات البرلمانية والسياسية. وأبرز تلك السيناريوات احتمال تأجيل انتخابات المجالس المحلّية المُقرّر إجراؤها في منتصف كانون الأول المقبل، إلى إشعار آخر، ولا سيما أن بعض القوى لا تريد إجراء تلك الانتخابات كـ«التيار الصدري». وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت، الثلاثاء الماضي، قراراً بإنهاء عضوية الحلبوسي، في دعوى رفعها ضدّه النائب ليث الدليمي بتهمة «التزوير والتلاعب بموضوع استبعاده من البرلمان»، في ما عدّه الرئيس المبعد قراراً «غريباً»، معتبراً أن «هناك من يسعى لتفتيت المكوّنات الاجتماعية».وعلى إثر ذلك، استقال ممثّلو الحزب في الحكومة، وهم كلّ من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط، محمد علي تميم، ووزيرَي الصناعة والمعادن، خالد بتال النجم، والثقافة والسياحة والآثار، أحمد فكاك البدراني، فضلاً عن ممثّلي «تقدم» في رئاسة الجمهورية، ونواب رؤساء اللجان النيابية من صفوفه، فيما قرّر نواب الحزب مقاطعة جلسات مجلس النواب. ومن هنا، سادت تكهّنات في الشارع العراقي باحتمال تأجيل انتخابات المجالس المحلية، بسبب تداعيات إنهاء عضوية الحلبوسي، خاصة أن مجلس المفوّضين الذي يشرف على الانتخابات لم تتبقَّ سوى أيام على انتهاء ولايته. وهذا ما حمل البرلمان على عقد جلسات استثنائية لتعديل قانون المفوّضية العليا للانتخابات وتمديد ولايتها لمدّة ستة أشهر.
ويؤكد عضو مجلس النواب عن «ائتلاف دولة القانون»، فراس المسلماوي، أن «جلسات البرلمان ستستمرّ للتشاور وسنّ القوانين المهمة»، مشيراً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «خروج الحلبوسي من البرلمان لا يؤثّر على الانتخابات برمّتها وإنما يؤثر على قائمة السيادة (التي يقودها) فقط». ويضيف أن الجلسات التشاورية داخل أروقة البرلمان «ستستمرّ بين النائب الأول (محسن المندلاوي) ورؤساء الكتل النيابية من أجل النظر في عمل مجلس النواب، لأنه لا يمكن تعطيل المؤسّسة التشريعية». ويبيّن أن «هناك قوانين مهمة لا بدّ أن تُشرّع، ومن المتوقّع أن يستأنف البرلمان جلساته من أجل سنّ القوانين التي تحتاج إليها العملية السياسية والشعب العراقي»، لافتاً إلى أن «قرار إنهاء عضوية الحلبوسي قضائي ولا يمكن التدخّل فيه. وهي قضية نظرت فيها المحكمة الاتحادية منذ أشهر، وأمر المحكمة باتّ وملزم".
أكثر من طرف أصبحت لديهم حجّة للمطالبة بتأجيل هذه الانتخابات


أمّا النائب الكردي، محما خليل، فيشير إلى «أننا أمام استحقاق يهمّ الشعب العراقي وهو الانتخابات، وهو أكبر من مسألة إنهاء عضوية الحلبوسي». ويضيف، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الجلسات ستستمرّ في البرلمان وتُدار من قِبل النائب الأول إلى حين إقرار قانون مجلس المفوّضين. فعلينا كمجلس نواب إمّا أن نعدّل أو نبدّل بعض الفقرات الخاصة بقانون المفوّضية قبل إجراء الانتخابات المحلية». ويرجّح أن تمضي الحكومة العراقية في إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد، «بعيداً من الخلافات السياسية والأزمات التي شهدناها».
وفي السياق نفسه، يؤكد النائب المستقلّ، عامر عبد الجبار، أن «قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية الحلبوسي هو قرار ملزم ومقدّر»، مستدركاً بأن «إصداره في هذا التوقيت، قد يحدث إرباكاً في الشارع العراقي».
ويعرب، في حديث إلى «الأخبار»، عن تأييده خطاب «التيار الصدري والجهات المقاطعة للانتخابات»، معتبراً «أنها (الانتخابات) لن تتمثّل فيها كلّ الأوساط الشعبية. ولذا، قد تتأجّل أو ربما سوف تشهد مشاركة ضعيفة»، لافتاً إلى أن «انسحاب التيار الصدري أمر مقلق ويجب العمل للوصول إلى تسوية سياسية ترضي كلّ الأطراف».
وعن البدلاء للحلبوسي، يرجّح عبد الجبار أن «سالم العيساوي قد يكون الأقرب، ومن بعده يأتي خالد العبيدي، أو مثنى السامرائي أو هيبت الحلبوسي، لكنّ القرار سيكون من داخل المكوّن السني ولا سيما حزب تقدّم».
ويعتقد الباحث السياسي، علي أغوان، من جهته، أن «إنهاء عضوية الحلبوسي، ستكون له تداعيات. وسيخلّ في التوازنات بين الفواعل السياسية. وبعض هذه التداعيات كانت سريعة، ومنها استقالة الوزراء التابعين للحلبوسي». أمّا على مستوى الانتخابات، فيرى أغوان أن «أكثر من طرف أصبحت لديهم حجّة للمطالبة بتأجيل هذه الانتخابات كالتيار الصدري، بالإضافة إلى أن حزب تقدّم صار خارج منظومة الانتخابات، ما يعني أن التداعيات متزايدة ويمكن أن تتطوّر خلال الأيام المقبلة». ويُلاحظ أن «المكوّن السُّني لم يستطع أن يطوّر منظومة مؤسّساتية قادرة على إنتاج حالة يمكن أن تعمل على استمرارية وديمومة الأداء في العملية السياسية المقسّمة طائفياً في العراق، كما يفعل على سبيل المثال الجانب الكُردي، وكذلك الجانب الشيعي».
ويُتوقّع أن «يؤدي إبطال عضوية الحلبوسي إلى إعادة ترتيب للبيت السني يتمّ إجراؤها بعد هذه الضربة، التي جاءت بكلّ تأكيد من الفاعل الشيعي بالدرجة الأساس، والإطار التنسيقي بالتحديد».