بغداد | مع مواصلة مفوضية الانتخابات في العراق الاستعداد لإجراء انتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الأول المقبل، تتباين التوقعات في الأوساط العراقية حول إجرائها في موعدها أو تأجيلها إلى موعد آخر، بخاصة بعد إعلان «التيار الصدري» عدم مشاركته فيها. غير أن القوى السياسية الكبيرة المنضوية في «الإطار التنسيقي» لا تزال تحثّ جماهيرها على التصويت، وسط تأكيدات حكومية للالتزام بالموعد. وستكون هذه أوّل انتخابات لمجالس المحافظات المحلّية في العراق منذ عام 2013، وذلك بعد تأجيلها أكثر من مرّة لأسباب تتعلّق أولاً بسيطرة تنظيم «داعش» على أجزاء من العراق، وثانياً بالرفض الشعبي لها في احتجاجات «تشرين»، ثمّ الانسداد السياسي الذي عاشته البلاد في السنوات الأخيرة. ومنذ أسابيع، تحشد التحالفات الانتخابية جماهيرها للمشاركة الفاعلة في الانتخابات، بينما تقلّل منصّات إلكترونية مقرّبة من «التيار الصدري» من أهميتها، واصفةً إياها بأنها «فاقدة للشرعية». وفي وقت سابق من الشهر الجاري، وجّه زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، جماهيره إلى مقاطعة الاستحقاق، فيما يدور جدل داخل حركات وقوى ناشئة بين من يدعو إلى المقاطعة، ومن يفضّل تأجيل الانتخابات إلى موعد آخر نتيجة عدم وجود بيئة آمنة لها. وستتنافس في الانتخابات المحلية 280 حزباً اجتمعت في 50 تحالفاً سياسياً، تضمّ 6 آلاف مرشح في 15 محافظة، ما عدا إقليم كردستان، بينما يتجاوز عدد الذين يحقّ لهم التصويت الـ20 مليون ناخب.
ويرى القيادي في تحالف «نبني»، وهو أحد أجنحة «الإطار التنسيقي» الانتخابية، هيثم الخزاعي، أن «غالبية الأحزاب التي تنوي المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، تعتمد بالدرجة الأولى على جماهيرها. وبالتالي، فانسحاب التيار الصدري لن يؤثّر في نسب التصويت لدى القوى الأخرى»، مضيفاً أن «الكلّ يعلم أن الجماهير التي تتبع مقتدى الصدر لا تنتخب أيّ جهة ثانية سواء أكانت من الإطار أم المستقلّين». ويؤكد الخزاعي، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «ليس هناك تأجيل للانتخابات، لأن الحكومة والمفوضية أكملتا كلّ الاحتياجات الخاصة بعملية الاقتراع. وفضلاً عن ذلك، هناك دعم كبير من قِبل الأحزاب الكبيرة لإجرائها في موعدها»، لافتاً إلى أن «الحركات المستقلّة والناشئة تخشى منافسة الأحزاب الأكبر منها. ولذا، فهي تسعى إلى تأجيلها أو مقاطعتها بشكل عام».
يدور جدل داخل حركات وقوى ناشئة بين من يدعو إلى المقاطعة، ومن يفضّل تأجيل الانتخابات


وفي السياق نفسه، يقول النائب المستقل، حسين حبيب، لـ«الأخبار»، إن «القوى السياسية ماضية في إجراء الانتخابات، رغم رغبة بعض القوى الصغيرة في تأجيلها إلى وقت آخر. لكن، بالنتيجة، الانتخابات ممارسة ديموقراطية، وعلى الكلّ أن يتعامل بروح عالية، ومن لديه رغبة في المقاطعة فليقاطع، وهذا أمر طبيعي جدّاً». ويشير إلى «أننا خلال هذه المدة، رأينا أن وجود مجالس المحافظات له دور كبير من أجل متابعة عمل المحافظ، ومتابعة المشاريع وعدم تفرّد المحافظ بالقرارات المهمة الخاصة بالمشاريع»، مؤكداً أنه «مع إجراء الانتخابات، ولكن بشرط تقييد حرية الجهات والمسؤولين المتنفّذين الذين يستغلون موارد الدولة من أجل مصالحهم، ومن أجل كسب أصوات المواطنين. فلذلك، انتخابات مجالس المحافظات ينبغي أن تكون مراقَبة من قِبل منظمات حيادية تلافياً للتزوير والتلاعب بالنتائج».
ومن جهتها، تؤكد المتحدثة باسم المفوضية العليا للانتخابات، جمانة غلاي، أن «موعد الانتخابات ثابت، والمفوضية أكملت جميع استعداداتها الفنية واللوجستية في بغداد وبقية المحافظات»، مبيّنةً، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ «هناك كوادر وفرقاً متخصّصة عملت على فحص الأجهزة الإلكترونية، وكذلك هناك فرق تراقب الإجراءات الفنية لعمل الكيانات». وتشير إلى أنه «في الخامس من الشهر المقبل، ستكون المحاكاة الأخيرة، وهي الرابعة، لغرض تجريب أجهزة الإرسال والاستقبال في مراكز الاقتراع البالغ عددها 7 آلاف و766». وتتابع أن «الحكومة حريصة على أن تكون الانتخابات نزيهة، بعيداً عن تأثير القوى السياسية. وهذا ما ستعمل عليه المفوضية عبر نصب كاميرات حرارية لغرض رصد وتوثيق كل تفاصيل العملية الانتخابية ومجرياتها».
وحول الخطّة الأمنية لتأمين الانتخابات، يؤكد الناطق الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، أن «كلّ الاستعدادات والخطط الخاصة بالانتخابات اكتملت»، موضحاً «أننا نقوم في الوقت الحالي بجولات إضافية للتأكّد من خططنا الأمنية ومن وجود قطاعاتنا وتأمين الحماية لمراكز الانتخابات». ويشير، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى «أننا بدأنا في أكثر من محافظة كواسط وديالى ومحافظات أخرى، إجراء كشف للتأكّد من أن قواتنا الأمنية أنهت كلّ استعداداتها لحماية مراكز الاقتراع، وأيضاً في مجال نقل صناديق الاقتراع وفلاشات الذاكرة وحمايتها، إضافة إلى خطط الدفاع المدني في الأطواق الأمنية لغرض منع وجود أيّ ثغرة».