وتُعدّ الحكومات المحلية بمثابة السلطة التشريعية والرقابية في كل محافظة، حيث يحق لها إصدار التشريعات المحلية وإدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية، بينما يتكوّن مجلس المحافظة الواحد من 10 أعضاء، يضاف إليه مقعد واحد لكل 200 ألف نسمة للمحافظات التي يزيد عدد سكانها على مليون نسمة. وتجري الانتخابات في 15 محافظة، وتُستثنى منها ثلاث محافظات في شمال العراق تتمتّع بالحكم الذاتي.
وتمتد الدورة الانتخابية للحكومات المصغّرة على أربع سنوات، وفقاً لقانون المحافظات الصادر عام 2008، لكن تم تعطيلها لعشر سنوات خلت، نتيجة ظروف سياسية وأمنية شهدتها البلاد، بينما أُلغيت المجالس المحلية عام 2019 بعد التظاهرات التي اتهمتها بالفساد وهدر المال العام. وتجري هذه الانتخابات، في ظل تنافس شديد بين أكثر من 35 تحالفاً سياسياً، وأكثر من 6 آلاف مرشح، وسط ترجيحات بفوز الأحزاب الكلاسيكية المسيطرة على السلطة منذ عام 2003.
وتؤكد المتحدثة باسم مفوّضية الانتخابات، جمانة الغلاي، أن «العملية الانتخابية لمجالس المحافظات لن يحصل فيها أي خرق أو خلل في أجهزة الاقتراع، وذلك لأن المفوّضية أجرت عملية المحاكاة عدّة مرّات لفحصها والتدقيق فيها بشكل جيد»، مبيّنة، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «المفوّضية ستقوم بإجراء عمليات العد والفرز اليدوييْن أمام أنظار وكلاء الأحزاب والإعلاميين المحليين والدوليين». وتشير إلى أن «الكاميرات موجودة على كل طاولة للتصويت وفي كل محطة انتخابية، وميزتها التسجيل بالصوت والصورة، وهذا ما يعزّز ضمان عدم حصول عمليات تزوير أو تلاعب». وتوضح أنه «في حال حصل أي خلل أو عدم إرسال النتائج إلكترونياً سيتم إجراء العد والفرز اليدوييْن»، مؤكدة أن «الخلل الذي حصل في الاقتراع الخاص في بعض المحطات لن يتكرّر في الاقتراع العام». وتتابع أن «العد والفرز اليدوييْن للاقتراع الخاص سيكونان مع عمليات العد والفرز للاقتراع العام، وإعلان النتائج الأولية للانتخابات سيكون في الـ19 من الشهر الحالي (غداً)».
من جانبه، يقول نائب قائد العمليات الأمنية المشتركة، الفريق أول الركن قيس المحمداوي، إن «جميع الأجهزة الأمنية مستعدة لتأمين التصويت العام، كونه يختلف عن التصويت الخاص، إذ يتضمّن نحو 8 آلاف مركز انتخابي وأكثر من 43 ألف محطة، وهو عدد كبير جداً بالنسبة إلى التصويت الخاص»، مبيّناً أن «عملية نقل المواد الانتخابية وعصا الذاكرة وخاصة من المحافظات البعيدة، ستكون جواً». ويوضح المحمداوي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الخطة الأمنية تشمل جميع المراكز الانتخابية في العراق، وحتى القريبة من الحدود، مثل محافظة المثنى وأقضية سنجار والرطبة والمناطق الصحراوية البعيدة»، لافتاً إلى أن «ما حدث في التصويت الخاص هو فحص وتمهيد صحيح وتنفيذ لخطة الانتخابات بكاملها».
وفي الإطار نفسه، يرى الخبير الانتخابي، عادل مزعل، أن «انتخابات مجالس المحافظات تختلف عن جميع الانتخابات السابقة سواء المحلية أو التشريعية، وذلك نتيجة الاستعداد الصحيح ومنع التدخل والتأثير السياسي على عمل المفوّضية». ويضيف أن «استخدام كاميرات وأجهزة بتقنيات عالية سيمهّد لنتائج دقيقة، غير قابلة للتزوير أو التلاعب من قبل جهات لها اليد الطولى لخدمة هذا الحزب أو ذاك»، معتبراً أن «المشكلات الفنية التي حدثت في التصويت الخاص لا نستطيع تعميمها على كل العملية الانتخابية، وأن من الطبيعي أن تحدث بعض التأخيرات في أجهزة الاقتراع، لكن هذا لا يؤثر على النتائج النهائية بكل تأكيد».
مشاكل فنية في بعض المحطات أثناء التصويت الخاص أتاحت لبعض القوى التشكيك في مصداقية العملية الانتخابية
أما المحلل السياسي، ماجد الحسناوي، فيشكك في أجهزة الاقتراع التي تُستخدم في انتخابات مجالس المحافظات، ويستشهد بأن «الاختبار الأول الذي أخفقت فيه أجهزة الاقتراع في بعض المحافظات خلال مرحلة التصويت الخاص، لا يبشّر بخير على العملية الانتخابية التي ينتظرها المواطن العراقي منذ عقدين تقريباً».
ويتوقّع الحسناوي أن «لا تكون الانتخابات في صالح بعض الكتل المتنافسة التي قد لا تظفر بالغالبية، والتي قد تلجأ إلى المحاكم والمفوّضية مرة أخرى لتقديم الطعون والتشكيك في الأجهزة أو الانتخابات، وهذه ستكون أزمة أخرى قد تحيلنا إلى أزمات جديدة»، متوقّعاً أن «لا يُحسم ملف مجالس المحافظات قبل سنة كاملة بسبب عدم التوافق بين الأقطاب السياسية وخاصة التي تمتلك أحجاماً كبيرة في العمليتين السياسية والانتخابية».