انتخابات المجلس القومي نقطة محورية في ما يحصل. يربط مسؤولون قوميون بين خطوة الناشف والانتخابات في أيار، التي تُشرف عليها عمدة الداخلية. ونظراً إلى أنّه في ظلّ التركيبة الحالية، من غير المتوقع أن يتمكن الناشف من إيصال مندوبين محسوبين عليه، أراد أن يُشرف مُباشرةً على الانتخابات عبر عمدة الداخلية. ولكن، هناك وجهة نظر أخرى، ترى أنّ إقالة معتز رعدية، لم تكن حدثاً مُفاجئاً، «بل تعود إلى قرار الناشف، قبل أشهر، تعيين ناموس (أمين سر) لمنفذية الغرب، مُتخطياً عمدة الداخلية»، بحسب مصادر قومية على تقاطع مع كلّ القوى المعنية. ردَّ رعدية «بإلغاء القرار بعد 48 ساعة، ما استفزّ رئيس الحزب، الذي لوّح بخطوات تصعيدية. ولكن نتيجةً لوساطة حزبية، وافق على تهدئة الأمور إلى حين انتهاء انتخابات المكتب السياسي القومي في الشام». تعقّدت العلاقة أكثر مع الانتخابات الأخيرة، «بعد أن طلب الناشف، عدّة مرات، الاطلاع على التحضيرات، التي كان يُتابعها رئيس المكتب السياسي في الشام صفوان سلمان وعميد الدفاع زياد المعلوف، بإشراف رئيس المجلس الأعلى أسعد حردان». تقول المصادر إنّه لم يجرِ إطلاع الناشف على الملفّ، «ولم يؤخذ بلائحة المُرشحين الذين أراد أن تدعمهم القيادة ليكونوا في المكتب السياسي». بالنتيجة، حمّل الناشف المسؤولية لعميد الداخلية، واتخذ في 26 كانون الأول الفائت قرار إعفائه من منصبه. تقول المصادر إنّ «رعدية رفض تبليغه المرسوم. فقامت قيادة الحزب بتعميم المرسوم عبر عمدة الإذاعة، وطُبع ووُزّع في المركز، قبل أن يتم تمزيقه».
في 28 كانون الأول، وصل الناشف إلى مركز الروشة، «ليرى عدداً كبيراً من السيارات متوقفة أمام المدخل. طلب من الحرس إبعاد السيارات، ولكنّهم رفضوا. فركن سيارته في الخارج، متوجهاً إلى مكتبه حيث داوم حتى الثانية والنصف بعد الظهر، في حين أنّ المركز بقي تحت سيطرة «العسكر» حتى الخامسة والنصف مساءً. كذلك وجود «العسكر» في عُمدة الداخلية، مع تبديل أقفال أبوابها. حاول الناشف التواصل مع حردان، من دون نتيجة. فكان قُطبا المفاوضات بين رئيس الحزب ورئيس المجلس الأعلى، وائل حسنية وتوفيق مهنا». وتحت ذريعة أنّ المركز «غير آمن لعقد اجتماع لأنّه تحت سيطرة العسكر، دعا الناشف إلى اجتماع للمنفذين العامين يوم الأحد 30 كانون الأول في منزله». تقول المصادر إنّ «مقايضة حصلت، أدّت إلى تأجيل الاجتماع من الأحد إلى يوم أمس، مقابل خروج رجال عمدة الدفاع من الداخلية». وسبب المقايضة، بحسب مصادر قومية، «إحباط مخطط الناشف الرامي إلى إعلان حالة الطوارئ بذريعة وجود تمرّد».
حمّل مُنفّذون عامون الناشف المسؤولية، طالبين منه الاستقالة
في المقابل، تنفي مصادر مُقربة من حردان ما تقدّم، «إن كان قصة منفذية الغرب أو انتخابات المجلس السياسي في الشام، حيث قدّم رعدية تقريراً خطياً بها إلى الناشف، ولم يكن لزياد المعلوف أي علاقة بهذه الانتخابات». لماذا أُقيل عميد الداخلية إذاً؟ «خلاف شخصي بينه وبين الناشف». وتُنكر المصادر أي تدخل لحردان بما حصل، ذاكرةً أنّه بعد صدور المرسوم، «زار رعدية رئيس المجلس الأعلى، ليُخبره عن المظلومية التي تعرّض لها». تؤكد المصادر أنّ الكلام عن «تمرّد» أو احتلال المركز من قبل عناصر عمدة الدفاع غير صحيح، «أيام الشتاء، يُصر المسؤولون على ركن سياراتهم أمام المدخل. أما بالنسبة إلى ما حُكي عن تبديل قفل عمدة الداخلية، فقبل 10 أيام طلبنا تغيير قفل دائرة الإحصاء، صودف أن أتى النجار يوم 28 كانون الأول». وتقول المصادر إنّ اجتماع أمس «تقليدي، هدفه شرح الوضع السياسي والحزبي للمنفذين»، مع الإصرار على أنّ «الأمور هذه حدودها. في كلّ الأحزاب يوجد وجهات نظر عديدة». وتذهب مصادر غير بعيدة عن حردان، واخرى «وسطية»، إلى قراءة تراها «أكثر خطورة»، قائلة: «الناشف، ومعه مجموعة حزبية، تريد ضرب العسكر في الحزب، متنكّرة للتضحيات التي قدمها نسور الزوبعة في الحرب السورية». تضيف المصادر: «همّهم الأول ضرب حردان، وهم يرون أن العسكر يقف في صفه. وما قام به الناشف لا يستهدف عميد الداخلية، بقدر ما هو تمهيد لتحجيم عميد الدفاع زياد المعلوف».