أولهم، الرئيس عون وجزء من التيار الوطني الحر. الطرفان متمسكان بالتدقيق الجنائي ويعتبرانه معبراً الى الإصلاح الاقتصادي والكشف عن الأموال المحوّلة الى الخارج، وتلك التي نهبت وصرفت على الهندسات المالية ولخدمة النافذين. بعض النواب العونيين غرّدوا خارج هذا السياق وجنّدوا أنفسهم لخدمة سلامة وجمعية المصارف، كإبراهيم كنعان الذي ترأس لجنة تقصي الحقائق التي طيّرت الخطة المالية «الإصلاحية» للحكومة.
ثانيهم، حزب الله الذي لم يقدم مواقف جريئة حول هذه المسألة، قبل كلام نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم منذ بضعة أيام، لناحية الإصرار على إجراء التدقيق ورفض المبررات التي سيقت لإفشاله، مشيراً الى أن استمرار التعمية على واقع المصرف سيؤدي الى مزيد من التدهور.
ثالثهم، حزب القوات اللبنانية الصامت عن موبقات سلامة منذ وضع سياسته النقدية على المجهر، باستثناء موقفه عام 2017، استعاض عن حياده أخيراً وتفوّق على التيار والحزب، بتقديمه اقتراح قانون عملي لرفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان لمصلحة الشركة المدققة ولمدة عام واحد؛ فيما كان التيار قد أعلن عن إعداده مشروع قانون مماثلاً من دون أن يتقدم به.
اليوم، سيدرس مجلس النواب ورقة عون وكل التوقعات تقول إن الجلسة ستكون عبارة عن «حفلة» مزايدات حول تمسك الجميع بالتدقيق المالي وذهاب البعض الى مزايدة إضافية عبر المناداة بوجوب انسحاب التدقيق على كل الوزارات والإدارات العامة. هذا الطرح أعدّته كتلة التنمية والتحرير ضمن اقتراح قانون من دون أن يشرح وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني أسباب عدم امتثال سلامة لطلب شركة التدقيق ولماذا لم يقم بأي إجراء ليضع سلامة أمام واجباته. وبالتالي من المفترض أن يكون ثمة نقاش بين القوى السياسية حول رسالة رئيس الجمهورية وموضوع التدقيق من جهة، ونقاش آخر حول اقتراح القانون المطروح من القوات واقتراح القانون الثاني المطروح من حركة أمل. اللافت هنا أن هذه الجلسة لن تنقل مباشرة على الهواء، ما يفهم أن ثمة محاولة لتحوير الحقائق والكلمات التي ستلقى داخل قاعة الأونيسكو، وإلا ما الداعي لإجراء مماثل؟
سلامة يسوّق لفضيحة تدقيق المصرف المركزي الفرنسي في حسابات مصرف لبنان!
من ناحيته، استبق سلامة كل هذه التطورات وما يمكن أن تؤول إليه الأمور تحت ضغط المحاسبة الشعبية، بترويج أخبار حول بدء المصرف المركزي الفرنسي بالتدقيق بحسابات مصرف لبنان، وسط تجاوب كلّي من سلامة؛ على أن ما يجري محصور بالتدقيق المحاسبي الروتيني لا الجنائي. ويرى البعض أن هذا الإجراء بمثابة تسوية هدفها لفلفة الموضوع وإنهاؤه بأقل الأضرار الممكنة على الحاكم. وإذا ما صحّ ذلك، فتلك فضيحة بكل المعايير بطلها حاكم مصرف لبنان المركزي التابع للدولة والخاضع للقانون العام، الذي تذرع بقانون السرية المصرفية لإخفاء معلومات طالبه بها مجلس الوزراء عبر شركة التدقيق المكلفة من الحكومة، لكنه يُسقط السرية لكشف داتا الدولة والمودعين أمام جهات خارجية متمثلة بالبنك المركزي الفرنسي، ومن دون موافقة الدولة اللبنانية رسمياً!
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا