وإذا كانت غالبية البلديات تشكو من عدم تسديد المقيمين للرسوم، فإنّ اتهامات أخرى تُساق لرؤساء البلديات أنفسهم تتعلق بـ«اجتهادهم» في إعفاء عدد من المكلفين لأهداف شخصية، وهو ما يشير إليه المراقب العام في وزارة الداخلية والبلديات هادي الديك في كتابه «بلديات لبنان بين الرقابة والتوجيه»، لجهة ضياع حقوق البلدية في زواريب الهدر بسبب دخول العوامل الشخصية والسياسية في عملية جباية الرسوم، لافتاً إلى أن ما يحصل في بعض البلديات «جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات، إن لناحية إعطاء إفادات براءة ذمّة لمكلفين لا تزال الرسوم المفروضة عليهم من قِيَم تأجيرية لم تُدفع، أو من بلديات تعطي لنفسها حق التشريع لناحية الإعفاء من الرسوم لبضع سنوات، أو المبادرة إلى شطب ما يتوجب على المكلف من غرامات (2% على أساس الرسم في حال التأخر بالدفع بعد مرور شهرين للإعلان عن جداول التكليف)». ويخلص الى أن «البعض يظن بأنه يقدم خدمة للآخرين، متناسياً عواقب ذلك ومدى تأثيره السلبي على مالية البلدية، وعلى المشاريع التي تنوي البلدية تنفيذها، وعلى الموظفين في البلدية بالنسبة إلى توزيع عائدات الجباية وعائدات الغرامات والبقايا المُدوّرة».
لم تعد الرسوم المفروضة أصلاً تكفي للتجهيزات وتكاليف الأعمال التي تقوم بها البلديات
وعليه، فإنّ القانون يُلزم البلديات بضرورة استيفاء الرسوم وعدم فرض الإعفاء من أي رسوم، وإلا عُدّ رئيس البلدية شريكاً في هدر المال العام. إلا أن المعضلة الفعلية تكمن في الوضع الراهن حيث الأزمة الاقتصادية تلقي حملها على معظم الفئات الاجتماعية العاجزة حالياً عن تسديد القوت اليومي، «فيما لم تعد الرسوم المفروضة أصلاً تكفي التجهيزات وتكاليف الأعمال التي تقوم بها البلديات نتيجة انهيار سعر الصرف الرسمي»، بحسب رئيس بلدية الغبيري معن خليل. يرى خليل، في هذا الصدد، أنه لا يمكن للبلديات اتخاذ قرار بإخلاء البيوت من ساكنيها، «وإن كان بإمكانها الضغط على شاغلي الأبنية التجارية وغيرها»، لافتاً إلى ضرورة تكاتف مختلف الجهات المعنية من أجل ضمان استمرارية عمل هذا المرفق العام «لأنّ عدم التعاون في ما خص تعزيز واردات البلديات سينعكس سلباً على محيطها العقاري، حيث تمارس البلديات مهامها في الكنس والصيانة والإنارة وتصريف النفايات وتنظيف مجاري الأنهار والصرف الصحي وغيرها».
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا