على أي حال، بعد مراجعة نص الدستور يتبيّن أن كل النقاش الذي جرى تحت قبة البرلمان يوم الأول من أمس ليس قانونياً فبعد دخول النائب الجميل ورئيس المجلس ونواب آخرون في نقاش بشأن نصاب جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، لا بد من التذكير بالمادة 75 من الدستور التي جاء فيها أن "المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر". وبالتالي فإن رئيس المجلس يتحمّل مسؤولية فتح سجال كان يمكن تجنبه من خلال تلاوة نص المادة 75 بعد تلاوة نص المادة 49 من الدستور وفرض الالتزام بها.
يذكر أن رئيس مجلس النواب كان قد حسم أن "النصاب المطلوب لانتخاب فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية هو الثلثين أي ثلثي أعضاء المجلس أي 86" خلال جلسة عُقدت في 23 نيسان 2014، ولم يعترض النائب الجميل على ذلك آنذاك. يومها حضر جلسة انتخاب رئيس الجمهورية 124 نائباً وانسحب 46 منهم في الدورة الثانية. رفع بري الجلسة لأن عدد النواب المتبقين لم يتجاوز 78 أي أقل من ثلثي المجلس.
وفقاً للدستور فإن النقاش الذي جرى تحت قبة البرلمان يوم الأول من أمس ليس قانونياً
يتعارض ذلك مع تفسير هيئة تحديث القوانين في المجلس التي كانت قد شرحت في 27 تشرين الثاني 2006 أن "النصاب الملحوظ في الفقرة الثانية من المادة 49 من الدستور هو نصاب متحرك مرتبط بالأكثرية المطلوبة للانتخاب، أي نصاباً مشدداً بأكثرية الثلثين على الأقل في دورة الاقتراع الأولى لتأمين أكبر قدر ممكن من التوافق على شخصية رئيس الجمهورية، ونصاب الأكثرية المطلقة من دورات الاقتراح اللاحقة". خالف بعض النواب الأعضاء في الهيئة هذا التفسير وهو أصلاً غير ملزم قانونياً، لكنه يبدو مناسباً لفتح باب النقاش بشأن انتخاب رئيس الجمهورية. وقد يكون هذا النقاش ضرورياً لمنع تكرار تعطل انتخاب رئيس الجمهورية. قد يفضل البعض حصر النقاش في النصاب لا في تحديد طائفة رئيس البلاد. إذ يبدو أن الالتزام بالقانون العرفي بات انتقائياً. فلا مجال بالنسبة للبعض بالمسّ بطائفة الرئيس بينما يدعو النائب الجميل إلى إعادة النظر بالعرف المعتمد منذ الطائف بالتوافق على شخص رئيس الجمهورية.
ويبقى المخرج الأنسب مراجعة شاملة لنصّ الدستور والعمل الجدّي على إلغاء المحاصصة الطائفية بشكل كامل، غير أن ذلك لا يبدو متاحاً في ظل العصبيات الطائفية والفئوية المتفشية في المجتمع وفي مجلس النواب.