ثماني ساعات قضتها رئيسة اللجنة الفاعلة للمدرّسين المتعاقدين في التعليم الأساسي، نسرين شاهين، أمس، في مكتب التحقيق في المباحث الجنائية، بناءً على شكوى قدّمها وزير التربية، عباس الحلبي ضد منشور كتبته، في 29 آذار الماضي، اتهمته فيه بأنه «يطبق سياسة مافيَوية بلطجية»، ووصفت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنه «يد المافيا التي تدير الحكومة». وفيما طلب الحلبي من النائب العام التمييزي غسان عويدات أن تقدم شاهين كتاب اعتذار، إلا أن عويدات أشار بوجوب الطلب منها إزالة المنشور وتوقيفها في حال الرفض، ثم أمر بتوقيفها عندما رفضت، و«كُلبشت» يدها بالكرسي. وخلال التوقيف، تعرّضت شاهين، كما قالت لـ«الأخبار» لـ«الترهيب» لإزالة السطرين الأخيرين من المنشور المتعلقين بالحلبي وميقاتي، وهُددت بتحويلها إلى مخفر حبيش وثكنة بربر الخازن، إلا أنها أصرّت على موقفها وعلى أن يُضمّن محضر التحقيق كل عناوين هدر المال العام في وزارة التربية.وكان الحلبي اتخذ، سابقاً، قراراً بطرد شاهين تعسفياً من التعليم، انتقاماً من دورها النقابي وبسبب انتقادها لغياب الشفافية المالية، ولم يطبق قرار مجلس شورى الدولة بإعادتها إلى مدرستها، ورفع ضدها دعاوى جزائية بتهمة القدح والذم، قبل أن ترفع عليه دعوى مالية، إلى أن قادها إلى المباحث الجنائية.
هي ليست قصة نسرين فحسب، بل حلقة في نهج إسكات الناس من وزير يتربّع على وزارة تنال النصيب الأكبر من أموال الجهات المانحة. كما أنها واحدة من العقوبات التأديبية بحق الأساتذة المعترضين على هدر المال العام وانتهاك حقوقهم، وإن كانت المواجهة اتخذت شكلاً أكثر عنفاً مع شاهين، علماً أنه يفترض أن وزارة التربية تتعاطى مع أكاديميين وتربويين.
وإذا كانت المعلومات التي تنشرها شاهين وغيرها بشأن الفساد في وزارة التربية مغلوطة، فليخرج الوزير إلى العلن ويكشف المعلومات الصحيحة. وكانت شاهين دعته إلى تفعيل منصة واضحة وشفافة تتيح معرفة قيمة الأموال المقدّمة من الدول المانحة للطلاب اللاجئين في لبنان وطرق توزيعها، وتقديم توضيح بشأن المساعدة التي وصلت من اليونيسف وبلغت 37 مليون دولار، وحرمان الأساتذة منها، والاتفاقات بالتراضي وبرنامج التعليم للجميع (S2R2) المموّل من البنك الدولي وغيرها من الملفات، وحول العذر الأكبر من ذنب الذي برّرت به وزارة التربية الرقم المُبالَغ فيه لتمويل الامتحانات الرسمية للعام الدراسي الماضي بالخطأ التقني.
حبّذا لو أن القضاء يتحرك على خلفية التحقيقات الصحافية في ملفات عدة في وزارة التربية والتي تشكل إخباراً للنيابة العامة المالية.