الإثنين الماضي، أعلنت منصة «بولت» لزبائنها في لبنان عن توقّف خدمات النقل بالدرَّاجات النارية من دون سابق إنذار أو تبرير للسائقين المشتركين في المنصة، والذين خسروا مدخولاً إضافياً كانوا «يتّكئون» عليه، وعاد بعضهم إلى «مستنقع» البطالة. وراء القرار، على الأرجح، الضغط الذي مارسه السائقون العموميون، وهو ما تبدّى في «زفّ» نقابة سائقي السيارات العمومية «بشرى» إقفال «بولت» على صفحتها على «فايسبوك» بعد «جهد كبير واتصالات مع المعنيين».ومنذ بدء عمل «بولت» في لبنان، في تموز 2020، شعر السائقون العموميون بمنافسة من سائقي سيارات لا تحمل لوحات عمومية ودرّاجات نارية تعمل كـ«تاكسي» بتعرفة أدنى من السيارات العمومية. ونفّذ هؤلاء تحركات في وسط بيروت ضد الشركة التي «تضارب عليهم بصورة غير شرعية ومخالفة لقانون السير اللبناني، وتحدد بدلات أقل من بدلات النقل في سيارات الأجرة كونها لا تتحمّل كلفة الرسوم والضمان التي يدفعها السائقون العموميون»، كما قال رئيس اتحادات ونقابات النقل البري بسام طليس قبل عام.
سائقون في الشركة ربطوا القرار بضغوط النقابة بسبب حوادث سلب وتحرّش تكرّرت أخيراً على أيدي عدد من سائقي الدراجات النارية الذين يعملون لحساب الشركة، خصوصاً «بعدما صار كثيرون من السائقين يؤجّرون حساباتهم في التطبيق لآخرين مقابل مليون ليرة يومياً، خصوصاً لسوريين من غير القادرين على تأمين المستندات التي يشترطها التطبيق، كرخصة قيادة درّاجة نارية ووثيقة ملكيتها والسجل العدلي.
لكنّ قرار الوقف «بدل أن يكحّلها أعماها»، إذ إن المنافسة غير الشرعية مع السيارات العمومية مستمرة في ظلّ وجود تطبيقات أخرى للنقل مثل «توترز». فيما الرحلات غير الآمنة ستزداد خطورة لأنّ السائقين قرّروا الاستمرار في عملهم من دون مرجعية تطبيق إلكتروني يربطهم بالركاب، ما يفتح الطريق أمام «ولادة» مواقف للدراجات النارية مماثلة لمواقف الفانات تحكمها الفوضى و«البلطجة».
سائقو «بولت» بدأوا إنشاء مواقف في المناطق بعد إغلاق التطبيق


لا يتفهّم سائقو الـ«موتو تاكسي» كلتا الذريعتين، بعدما فقدوا مورد رزقهم. «فالتفلت الأمني يحصل أينما كان وباختلاف الوسائل»، يقول أحمد، وهو عنصر في قوى الأمن الداخلي كان يعمل في التطبيق «بارت تايم»، و«لم تكن غلّتي تقلّ عن مليوني ليرة يومياً مقابل بضع ساعات من العمل». فيما يؤكد علي، وهو سائق آخر لدى التطبيق، أنه كان يحصّل «90 مليون ليرة شهرياً. التوصيل كان مهنتي الوحيدة. أفتح التطبيق من السابعة صباحاً حتى السادسة مساءً. تحدد الشركة التسعيرة وفق المسافة، من دون أن تحصل على أرباح، على عكس توترز التي تحدّد بدلات أقل وتقاسم السائق على الأرباح». ويسأل نعيم: «صحيح أن عملنا مع بولت غير شرعي، لكن، ما الذي يمنع من شرعنته وتوزيع لوحات عمومية علينا؟»، و«هل المطلوب أن نتحوّل إلى زعران ونشلّح الناس أو أن تقوم قيامتنا على النازح السوري الذي لم يترك لنا عملاً بعدما سبقنا 4 آلاف سوري إلى توترز».
لذلك قرّر عدد من السائقين الاستمرار في عملهم من دون ربطهم بتطبيق إلكتروني، وأنشأوا مجموعة «واتساب» لتوزيع المهمات في ما بينهم. فيما هناك من «ربّط» مع زبائن بعدما حصل على أرقام هواتفهم. وفور إغلاق التطبيق، «نبتت»، فجأة» في محيط بعض الجامعات وتحت جسر الكولا مواقف للـ«موتو تاكسي»، لا شيء يمنع، في بلد لا رقابة فيه، أن تحذو حذو مواقف الفانات بما فيها من فوضى وبلطجة ومافيات وتقاتل على الركّاب من دون أي مرجعية تنظيمية.