تقدّمت جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، في 10 أيار/ مايو 2024، للمرة الثالثة، للحصول على أمر عاجل لتدابير مؤقتة من المحكمة في قضية تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة والمعاقبة عليها (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل) لحماية الشعب الفلسطيني في غزة من الانتهاكات الجسيمة التي لا يمكن إصلاحها لحقوقه، وحقوق جنوب أفريقيا نتيجة للهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر على رفح، على أساس التغييرات في الوضع و/أو الوقائع الجديدة. وحددت المحكمة يومي 16 و17 أيار الجاري لعقد جلسات استماع للمرافعة الشفوية المقدّمة من جنوب أفريقيا وإسرائيل تباعاً. وبحسب بيان جنوب أفريقيا، فإن التدابير المؤقتة التي سبق أن أشارت إليها المحكمة (في 26 كانون الثاني/يناير وفي 28 آذار/ مارس الماضيين) غير قادرة على «معالجة الظروف المتغيرة والوقائع الجديدة التي يستند إليها هذا الطلب معالجة كاملة». أما دواعي طلب التدابير الجديدة المعدّلة فيمكن تلخيصها بما يلي:
إن الحالة الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي على رفح، والخطر الشديد الذي يشكله على الإمدادات الإنسانية والخدمات الأساسية في غزة، وعلى بقاء النظام الطبي الفلسطيني، وعلى بقاء الفلسطينيين في غزة كمجموعة، كل ذلك لا يشكل تصعيداً للحالة السائدة فحسب، بل يؤدي إلى ظهور حقائق جديدة تلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بحقوق الشعب الفلسطيني في غزة. وهذا يرقى إلى تغيير في الوضع في غزة منذ قرار المحكمة الصادر في 28 آذار/ مارس 2024.
رفح الآن هي فعلياً الملاذ الأخير في غزة لـ 1.5 مليون فلسطيني، وأولئك الذين شرّدتهم الإجراءات الإسرائيلية، وآخر مركز قابل للحياة في غزة للسكن والإدارة العامة وتوفير الخدمات العامة الأساسية، بما في ذلك الرعاية الطبية.
بسيطرتها على معبري رفح وكرم أبو سالم (كارم أبو سالم)، تسيطر إسرائيل الآن سيطرة مباشرة وكاملة على جميع عمليات الدخول والخروج إلى غزة، وتقطعها عن جميع الإمدادات الإنسانية والطبية والسلع والوقود التي يعتمد عليها بقاء سكان غزة، وتمنع عمليات الإجلاء الطبي.
يتعرض السكان الباقون والمرافق الطبية لخطر شديد، بالنظر إلى الأدلة الأخيرة على معاملة مناطق الإخلاء كمناطق إبادة، والدمار الشامل والمقابر الجماعية في مستشفيات غزة الأخرى، واستخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي لتحديد «قوائم القتل».
التوغل العسكري الإسرائيلي في رفح «سيغرق الأزمة في مستويات غير مسبوقة من الاحتياجات الإنسانية. وهناك حاجة ماسة إلى وقف إطلاق النار من أجل الإنسانية».
الحاجة إلى الوقف العاجل للعمليات العسكرية في جميع أنحاء غزة لا يمكن أن تكون أكثر وضوحاً وتؤكدها الدول والأمين العام للأمم المتحدة والمنظمات الدولية مراراً وتكراراً.
الهجوم والعملية العسكرية الإسرائيليان يقتلان الشعب الفلسطيني في غزة، بينما تقوم إسرائيل في الوقت نفسه بتجويعه، وتحرمه عمداً من المساعدات الإنسانية وضروريات الحياة الأساسية. أولئك الذين نجوا من ذلك يواجهون الموت الوشيك الآن، وهناك حاجة إلى أمر من المحكمة لضمان بقائهم على قيد الحياة.
كان سلوك إسرائيل ازدراء للمحكمة والقانون الدولي. وقد تم تجاهل وانتهاك التدابير المؤقتة التي أشارت إليها المحكمة حتى الآن. وبدلاً من ذلك، اختارت إسرائيل تصعيد الكارثة الإنسانية من خلال الهجوم العسكري الشامل.
الهجوم على الفلسطينيين في غزة ذو طبيعة لا يمكن إلا أن تسفر عن الإبادة الجماعية لتلك الجماعة. وهناك خطر حقيقي وقائم ليس من استمرار ارتكاب انتهاكات اتفاقية الإبادة الجماعية بصورة متعمّدة فحسب، بل أيضاً من تدمير الأدلة على تلك الانتهاكات والمحو الفعّال لإمكانية تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.

التدابير المؤقتة الإضافية / التعديلات المطلوبة
بالنظر إلى الإلحاح الشديد للحالة، تطلب جنوب أفريقيا إلى المحكمة أن تنظر في هذا الطلب دون عقد جلسة استماع، بقدر ما يكون ذلك قادراً على التعجيل بالبت في غضون أسبوع، بحلول 17 أيار/ مايو 2024. ومع ذلك، إذا رأت المحكمة أنها لا تستطيع الموافقة على طلب جنوب أفريقيا للحصول على أمر دون جلسة استماع، يُطلب من المحكمة بكل احترام تحديد موعد جلسة استماع شفوية لطلب جنوب أفريقيا للاستماع إليه في أو قبل 17 أيار/ مايو 2024، وعلى وجه التحديد، تطلب جنوب أفريقيا من المحكمة أن تشير إلى التدابير المؤقتة التالية:
تنسحب دولة إسرائيل فوراً وتوقف هجومها العسكري في محافظة رفح.
رفح الآن هي فعلياً الملاذ الأخير في غزة لـ 1.5 مليون فلسطيني، وأولئك الذين شرّدتهم الإجراءات الإسرائيلية


تتخذ دولة إسرائيل فوراً جميع التدابير الفعّالة لضمان وتيسير وصول موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المسؤولين المشاركين في تقديم العون والمساعدة الإنسانية إلى غزة دون عوائق، وكذلك بعثات تقصي الحقائق، والهيئات أو المسؤولين المفوّضين دولياً، والمحققين، والصحافيين، من أجل تقييم وتسجيل الأوضاع على أرض الواقع في غزة والتمكين من الحفاظ على الأدلة والاحتفاظ بها بشكل فعّال، وعليها أن تكفل ألا يعمل جيشها على منع هذا الوصول أو الإمداد أو الحفظ أو الاحتفاظ به.
تقدّم دولة إسرائيل تقريراً علنياً إلى المحكمة: (أ) عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذه التدابير المؤقتة في غضون أسبوع واحد من تاريخ هذا الأمر. (ب) عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ جميع التدابير المؤقتة السابقة التي أشارت إليها المحكمة في غضون شهر واحد من تاريخ هذا الأمر.
وتطلب جنوب أفريقيا أيضاً من المحكمة أن تنفذ إسرائيل من جديد التدابير المؤقتة التي أمرت بها المحكمة في 26 كانون الثاني/يناير و28 آذار/مارس 2024 وأن تسعى إلى الامتثال العاجل لها. وعلى وجه الخصوص، تطلب جنوب أفريقيا إلى المحكمة أن تعيد التأكيد على وجه السرعة على تطبيق التدبير المؤقت 4 من قرارها الصادر في 26 كانون الثاني/يناير 2024 والتدابير المؤقتة 2 (أ) و (ب) من قرارها المؤرّخ في 28 آذار/مارس 2024 على معبري رفح وكرم أبو سالم (كارم أبو سالم)، باعتبارهما يتطلبان تخلي إسرائيل فوراً عن سيطرتها على هذين المعبرين ووقفها لأي عوائق أخرى (أ) أمام دخول الأشخاص وخروجهم، بمن في ذلك العاملون الطبيون وموظفو الأمم المتحدة وغيرهم من العاملين في المجال الإنساني والأشخاص الذين تم إجلاؤهم طبياً، والمساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها، و(ب) توفير السلع والخدمات اللازمة لمعالجة ظروف الحياة المعاكسة التي يواجهها الفلسطينيون في غزة والحفاظ على بقائهم على قيد الحياة.



ليبيا تودع إعلان التدخل في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
أودعت ليبيا في 10 أيار/ مايو 2024، استناداً إلى المادة 63 من النظام الأساسي للمحكمة، في قلم محكمة العدل الدولية إعلاناً بالتدخل في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة والمعاقبة عليها (جنوب أفريقيا ضد إسرائيل). وعملاً بالمادة 63 من النظام الأساسي، كلما كان تفسير اتفاقية تكون دول غير الدول المعنية في القضية أطرافاً فيها موضع تساؤل، يكون لكل دولة من هذه الدول الحق في التدخل في الإجراءات. وإذا فعلت ذلك، فإن التفسير الذي يصدره حكم المحكمة سيكون ملزماً لها بنفس القدر. وتعتمد ليبيا في تقديم إعلان التدخل على وضعها كطرف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (انضمت ليبيا إلى الاتفاقية في 16 أيار/ مايو 1989) وتنص على أنها تودع إعلانها «لأنها تعتقد أن أفعال إسرائيل وإغفالاتها تتسم بطابع الإبادة الجماعية، لأنها ترتكب بنية محددة مطلوبة لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من المجموعة الفلسطينية القومية والعرقية والإثنية الأوسع نطاقاً، وأن سلوك إسرائيل من خلال أجهزتها الحكومية ووكلائها وغيرهم من الأشخاص والكيانات الذين يتصرفون بناءً على تعليماتها أو توجيهاتها، السيطرة أو النفوذ في ما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، ينتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية». وتضيف أن إعلان تدخلها يركّز على «التفسير السليم للأحكام المتعلقة بواجب عدم ارتكاب الإبادة الجماعية ومنعها، وواجب المعاقبة على الإبادة الجماعية في المادة الأولى، مقروءة بالاقتران مع المادة الثانية، والمواد الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة؛ من الاتفاقية». ووفقاً للمادة 83 من لائحة المحكمة، دعيت جنوب أفريقيا وإسرائيل إلى تقديم ملاحظات مكتوبة بشأن إعلان ليبيا للتدخل.