ألغت المنظمة الأدبيّة البارزة «نادي القلم الأميركي» (PEN America) احتفال توزيع جوائزها السنوية بعد انسحاب عشرات الكتّاب المرشّحين لنيل التكريمات احتجاجاً على «الاستجابة القاصرة، وغير الكافية» لإدارة المنظمة تجاه حرب الإبادة التي يرتكبها الكيان العبري ضد الفلسطينيين في غزة. وأعلنت المجموعة، التي تأسّست قبل عقدين كمنصة حوار بين الكتّاب والمثقّفين في مواجهة الانعزالية وكراهية الأجانب التي تفشّت في الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أنّها ستلغي الحدث الذي كان مخططاً له اليوم الإثنين بعدما أعلن تسعة من الكتّاب العشرة المرشحين لنيل جوائز هذا العام مقاطعتهم للاحتفال. وكان نحو نصف أصحاب الكتب والأعمال المترجمة التي كانت معروضة على لجان التحكيم، قد سحبوا أعمالهم من عمليّة التقييم وفقاً لبيان أصدرته إدارة النادي. وقالت كلاريس روزاز شريف، رئيسة قسم البرمجة الأدبية في «نادي القلم الأميركي»: «نحن نحترم كثيراً أن الكتاب قد حكّموا ضمائرهم، سواء اختاروا البقاء كمرشحين في فئاتهم أم انسحبوا»، وأضافت: «نأسف لأن هذا الوضع غير المسبوق قد أطفأ الأضواء عن أعمال استثنائية اختارها حكام محترمون ذوو بصيرة بعد أشهر من العمل الدؤوب في جميع الفئات».

(محمد سالم ـ رويترز)

وقد أعربت المديرة التنفيذية سوزان نوسيل عن أسفها للوصول إلى هذه النتيجة، قائلةً للصحافيين: «هذا الحدث ذو شعبيّة كبيرة ويستهلك التحضير له كماً هائلاً من العمل، ولذلك نأسف جميعاً لأننا وصلنا إلى هذه النتيجة المؤلمة، على أننا خلصنا إلى استحالة تنفيذ أنشطة الاحتفال بالطريقة التي كنّا نأملها ونخطّط لها». وكانت نوسيل قد أثارت حالة من الاستقطاب الحاد بشأن الحرب على غزة بعدما قامت برفقة جينيفر فيني بويلان، رئيسة النادي، بزيارة لا يمكن تبريرها للتضامن مع الكيان العبري بعد أيّام من هجوم السابع من أكتوبر، وسارعت قبلها إلى إصدار بيان شجبت فيه الهجوم الفدائي الفلسطيني، وركّزت على إدانة استهداف من أسمتهم بـ «المسلحين» لـ «مهرجان موسيقيّ».
وتأتي هذه الخطوة كانتصار صغير آخر لحركة احتجاج متنامية في الجامعات والمؤسسات الثقافية في الولايات المتحدة ضد حرب الإبادة التي يشنها الإسرائيليون على غزة بتواطؤ أميركي ظاهر.
وكانت سلسلة من الرسائل المفتوحة التي وقعها كتّاب ومثقفون قد انتقدت إدارة «نادي القلم» لانحيازها العلني إلى الكيان العبري، وعقدت مقارنات بين سلوكها المعادي للمقاومة الفلسطينية في مقابل اندفاعها لتأييد أوكرانيا بلا تحفظ في مواجهة الغزو الروسي.
وأوردت إحدى الرسائل التي صاغها عدد من الكتاب والروائيين المشهورين من بينهم نعومي كلاين، ولوري مور، وميشيل ألكسندر، وهشام مطر، وإيزابيلا حماد، وزينة عرفات وسوزان معدي دراج، ووقعها تأييداً أكثر من 1500 شخص، أن إدارة «القلم الأميركي» قد «خانت التزامها المعلن بالسلام والعدالة للجميع، وبالحرية والأمن للكتّاب في كل مكان» بعدما فشلت في الدّعوة إلى وقف فوريّ لإطلاق النار في القطاع المحاصر، وأظهرت انحيازاً إلى السرديّة الإسرائيلية، بينما تلعثمت في إدانة الإبادة الجماعيّة المستمرة منذ تشرين الأول الماضي. ورأى أصحاب الرسالة أن المجموعة الأدبية انتهت للعمل كـ «واجهة ثقافية أخرى للاستثنائية الأميركية»، وأن حضور احتفال جوائز هذا العام لن يؤدي إلا إلى تعزيز الوهم بأن الفرع الأميركي للمنظمة الأدبيّة مكرس حقاً «للدّفاع عن حرية التعبير في قلب نضال الإنسانية ضد القمع».
وقد اضطرت إدارة «نادي القلم الأميركي» لاحقاً لإدانة الخسائر المتفاقمة في الأرواح في غزّة، وأطلقت صندوقاً بقيمة مئة ألف دولار أميركي قالت إنّها ستخصص لدعم كتّاب فلسطينيين، لكن ذلك لم يغيّر كثيراً من مواقف الكتاب والأدباء الذين تمكنوا في النهاية من الإطاحة بدورة هذا العام من مهرجان «أصوات القلم العالمي» واحتفال توزيع الجوائز.