توضع رشا شربتجي في مصاف المخرجين البارزين في العالم العربي. فابنة «شيخ الكار» هشام شربتجي، حجزت لنفسها مساحة بفضل أعمال تركت بصمة لناحية الأسلوب والمواضيع، من بينها مسلسلات «أشواك ناعمة» و«غزلان في غائبة الذئاب» و«زمن العار» و«الولادة من الخاصرة» وغيرها. منذ بدايتها، تتكئ على عاملَيْ الإثارة والصدمة في الإنتاجات التي تحمل توقيعها، فتصيب حيناً وتسقط أحياناً أخرى. ومن الخطوات الناقصة التي اتخذتها أخيراً، تركيزها في «ولاد بديعة» حتى كتابة هذه السطور (الحلقة العاشرة)، على العنف عموماً، وخصوصاً في ما يتعلّق بالحيوانات. صحيح أنّ الأمر قد يوضع في سياق المبرّرات الدرامية لتصاعد الأحداث وتطوّر الشخصيات، غير أنّ مشهد صراع الديكة شيء ومشهد إعدام القطط شنقاً في الحلقة الرابعة مسألة أخرى تماماً. إذ كان المشاهد أمام لقطات مفصّلة ومؤذية وسادية ومستفزّة. من الواضح أنّ شربتجي ترمي عبر هذا المشهد إلى تبرير النزعة الإجرامية لدى شخصية «مختار» (محمود نصر) تجاه إخوته، فتعذيب الحيوانات والأطفال يعتبر مؤشّراً مهمّاً على العنف تجاه البشر، بما في ذلك إساءة معاملة الشريك والاعتداء الجنسي والاغتصاب وحتى القتل. وإساءة معاملة الحيوانات منذ الطفولة هي إحدى علامات نظرية «ثلاثي ماكدونالد» (1963)، وهو إطار عمل كان يُعتقد سابقاً أنّه قادر على تحديد القتلة المتسلسلين والأشخاص ذوي الميول العنيفة منذ الطفولة. لكن ألم يكن في الإمكان إيصال الفكرة إيحاءً، من دون الغرق في التفاصيل، كما فعلت ماري هارون مثلاً في فيلم «أميريكان سايكو» (2000) الذي يبدو أنّه مصدر إلهام بالنسبة إلى المخرجة؟ أمام هذا المشهد الإشكالي الذي تصدّر قائمة الترند في بلدان عربية عدّة، رأى كثيرون أنّ الهدف الأساسي منه هو الرايتينغ والإثارة على حساب صحّة الأطفال العقلية عبر منحهم تصوّراً مقيتاً للانتقام، بالتوازي مع نسف كلّ جهود محاربة الإساءة للحيوانات في بلاد الدماء والموت المجاني. حتّى إنّ التنويه الذي ورد في بداية الحلقة المذكورة حول تصوير المشهد بحضور أطباء ومختصين من دون الإساءة للقطط أو تعريضها للأذى، وضعه ناشطون في مجال حماية حقوق الحيوان عبر السوشال ميديا في خانة «الحكي الفاضي»، لأنّه ممنوع أخلاقياً استعمال التخدير على حيوان إلا أثناء إجراء عملية جراحية، فضلاً عن الضغط النفسي الذي لا بدّ أن عاشته القطط عبر التعليق والربط.