طرابلس | احتفظ قائد «الجيش الوطني الليبي»، المشير خليفة حفتر، بصمته، بشأن السجال السياسي الدائر في ليبيا، حتى وهو يزور روسيا ويلتقي رئيسها، فلاديمير بوتين، مع كل ما لموسكو من دور في الأزمة الليبية.وزيارة حفتر لروسيا الممتدة لعدة أيام، هي الأولى من نوعها منذ عام 2019، والتقى خلالها أيضاً وزير الدفاع، سيرغي شويغو، إلى جانب عدد من العسكريين الروس، وهي اللقاءات الأهم منذ سنوات بين حفتر والمسؤولين الروس الذين يتوافدون إلى لقائه في بنغازي بين الحين والآخر.
ويلتزم حفتر الصمت بشأن السجال السياسي في البلاد حول مستقبل العملية السياسية والمسار الأممي تجاه التوافق بشأن قواعد تجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتعثرة منذ سنوات، لكنه يعمل على تعزيز نفوذه ووجوده السياسي مع رغبة معلنة في خوض سباق الانتخابات الرئاسية على غرار معظم المسؤولين السياسيين.
في الإعلان الرسمي عن الزيارة ولقاء بوتين مع حفتر، تأكيد بأن اللقاء جاء لمناقشة الأوضاع في ليبيا من دون تفاصيل، سواء من الكرملين الذي أعلن خبر الزيارة، أو من «الجيش الوطني الليبي» الذي سبق أن استقبل قبل فترة قصيرة في بنغازي نائب وزير الدفاع الروسي، يونس يفكيروف، الذي وجه دعوة الزيارة لحفتر لزيارة موسكو.
وتعوّل روسيا بشكل كبير على حفتر وقواته لضمان مساحة لوجودها داخل الأراضي الليبية، وخاصة في ظل الدعم الذي سبق أن قدمته لقواته خلال فترة الاقتتال الأهلي إلى جانب النشاط البارز لمجموعة «فاغنر» الموجودة في ليبيا والتي تعمل بشكل شبه مباشر وبتنسيق مع «الجيش الوطني الليبي»، وخاصة في ظل إعادة تموضع «فاغنر» في أفريقيا خلال الفترة الحالية.
وعلى رغم وجود اتصالات أميركية مع حفتر ورفاقه في الأسابيع الماضية، إلا أن النقاشات مع الروس تمحورت حول دور أكبر لموسكو عسكرياً، وخاصة في ظل استمرار عمليات التحايل على توريد الأسلحة إلى قوات حفتر تجاوزاً للقرار الأممي بمنع تصدير الأسلحة إلى ليبيا، فيما دعمت قوات حفتر التحركات الروسية بشأن إعادة صياغة عمل قوات «فاغنر» خلال الأسابيع الماضية.
أبدى حفتر موافقته على دعم الوجود العسكري الروسي في الموانئ الليبية التي تخضع لسيطرته


وأبدى حفتر موافقته على دعم الوجود العسكري الروسي في الموانئ الليبية التي تخضع لسيطرته، حال الحاجة إلى ذلك، مع وعود بأن تتم صياغة ذلك بشكل رسمي خلال الفترة المقبلة، حال وصوله إلى الرئاسة أو حتى من خلال التنسيق مع حلفائه في الشرق الليبي، في خطوة ستكون لها انعكاسات على توازنات القوى العسكرية، وخاصة مع الاستراتيجية الروسية المعتمِدة على التغلغل بشكل أكبر في أفريقيا خلال الفترة الحالية.
وتستهدف روسيا ضمان الحصول على تسهيلات من حفتر بشكل مباشر بشأن استخدام ميناءَي بنغازي وطبرق من أجل الإمداد بالوقود وإصلاح السفن العسكرية وغيرها من الأمور اللوجستية التي ستوفر الكثير من الوقت بالنسبة إلى الأسطول الروسي، بما في ذلك بحث إمكانية تخزين بضائع وذخيرة في الموانئ الليبية، وفق اتفاقيات وإجراءات تأمين مسبقة ومعلنة.
وكشفت مصادر ليبية لـ«الأخبار» أن زيارة حفتر لروسيا تبعتها إعادة لقنوات التواصل مع عدة عواصم غربية كان قد تراجع تواصلها مع «الجيش الوطني الليبي» بشكل مباشر، في مقدمتها باريس التي أجرى مع ممثليها اتصالات رفيعة المستوى خلال اليومين الماضيين من دون الدخول في تفاصيل.
وأشارت المصادر إلى أن «حفتر يحاول تحقيق توازن بين التنسيق مع الروس والأميركيين بعدما دخل الجيش الليبي على خط الأزمة بين واشنطن وموسكو بشكل كبير، في أعقاب محاولات أميركية لتقويض النفوذ الروسي في ليبيا عسكرياً». وهذا الأمر جرت مناقشته بشكل واسع خلال لقاء حفتر مع قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، مايكل لانغلي، في مطلع الشهر الجاري والذي تضمّن التأكيد على ضرورة عدم إحداث أي تغييرات في الوضع العسكري الحالي في ليبيا، قبل الوصول إلى حل سياسي وتوحيد الجيش الليبي حتى لا تكون أي قرارات عسكرية منفردة سبباً في مزيد من التوتر.