طرابلس | في وقت جاءت فيه خطوة مجلس النواب الليبي، والمتمثّلة في تمرير القوانين الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية والمجالس التشريعية، من أجل تبرئة البرلمان من اتّهامات تعطيل المسار الانتخابي، إلا أن الأزمة التي باتت تواجه المجلس اليوم هي بقاؤه وحيداً في هذا المسار، بعد رفض «المجلس الأعلى للدولة» المصادقة على القوانين الآتية إليه. وأوضح رئيس «الأعلى للدولة»، محمد تكالة، أن قرار رفض تمرير القوانين التي وافق عليها البرلمان، والتي تسمح بإجراء الانتخابات خلال 240 يوماً، وتنصّ على تشكيل حكومة جديدة انتقالية تكون مهمّتها تسهيل إتمام الاستحقاق، ولا يخوض المسؤولون فيها السباق، جاء انطلاقاً من تمسّك المجلس بنتائج المفاوضات التي جرت في مدينة بوزنيقة المغربية، وأُقرّت خلالها النصوص الخاصة بالقوانين التي جرى تعديلها لاحقاً.وتزامن حديث تكالة مع إرسال المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبدالله باتيلي، خطاباً إلى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، استنكر فيه تمرير المجلس القوانين الانتخابية من دون إبلاغه بخطوته، أو إطلاعه على أيّ معلومات حول التعديلات وفحواها قبل التصويت عليها، بالرغم من الاتفاق المسبق بينهما على التنسيق في ما يخصّ خطوات المسار السياسي، فضلاً عن أن مسألة الانتخابات تُعدّ، في الأساس، جزءاً أصيلاً من مهامّ البعثة الأممية. أمّا رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، فبات يلوّح باستصدار القوانين المنظّمة للعملية الانتخابية من دون اللجوء إلى كلا المجلسَين، وذلك بدعم من البعثة الأممية التي تتعامل معه باعتباره إحدى الجهات الموثوقة الراغبة في دعم المسار الانتخابي. وخلال لقاءات عديدة أجراها المنفى، بعضها حضورياً والآخر عبر الهاتف لوقت طويل، لم يعلّق رئيس «الرئاسي» على خطوة إقرار قوانين الانتخابات، في وقت لم تُحسم فيه مسألة الوساطة التي يُحكى عن احتمال قيامه بها بين «النواب» و«الأعلى للدولة»، خاصة في ظلّ تشبّث كلّ مجلس بوجهة نظره في التعامل مع ملفّ الانتخابات.
بدأت الدعوات الصادرة في الداخل الليبي إلى التوافق حول قوانين الانتخابات


وفي خضمّ ذلك، بدأت الدعوات الصادرة في الداخل الليبي إلى التوافق حول قوانين الانتخابات، والتي تزايدت في الأيام الماضية، تلقى استجابة واسعة خارجياً، خصوصاً من قِبَل المبعوث الأممي الذي يعمل على اختيار ممثّلين معبّرين عن مختلف الأطياف، في محاولة لخلق كيان موازٍ يمكن من خلاله تمرير القوانين التي لا تزال إحدى العقبات الرئيسة أمام إجراء الانتخابات. وفي هذا الإطار، يُجري باتيلي مناقشات موسّعة، تشمل احتمالية دعوة الممثّلين المختارين إلى الاجتماع خارج ليبيا للوصول إلى اتفاق سياسي.
في غضون ذلك، أثيرت قضية المعاملات المالية التي يجري إتمامها عن طريق البنك المركزي الموحّد حديثاً بعد سنوات من الانقسام، بعد الكشف عن تورّط سفيرة ليبيا في بلجيكا في الاستيلاء على المال العام عبر تزوير مستحقّات علاجية وطلب سدادها من البنك. ويعمل «المركزي» مع النائب العام، بشكل مباشر الآن، من أجل مراجعة الاستحقاقات العلاجية في الخارج للمواطنين الليبيين، في ظلّ تسديده نحو 248 مليون دينار كديون عن الأعوام السابقة، ومطالبته بسداد 87 مليوناً لم تُدفع بعد، وهي الأموال التي ستَجري مراجعة آلية إنفاقها، خاصة مع ثبوت وجود تلاعب من قِبل عدّة جهات تتعامل مع السفارات الليبية في الخارج كما في تركيا والأردن. ويقود محافظ البنك، الصديق عمر الكبير، عملية مراجعة الأعمال الحسابية العائدة إلى الشهور الماضية، وهي عملية يُتوقّع، في حال استكمالها، إثبات إنفاق أموال في غير أغراضها، بناءً على مطالبات مبالغ فيها أو مزيّفة بشكل كامل.