القاهرة | بينما تستعد مصر لاستقبال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، منتصف الشهر الحالي، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ ما يناهز العشر سنوات، تعمل القاهرة على حلحلة العديد من القضايا الخلافية التي لا تزال عالقة بينها وبين أنقرة، وفي مقدمتها ما يتّصل بالملف الليبي. وفي هذا السياق، استقبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، رئيس «المجلس الرئاسي» الليبي، محمد المنفي، في القاهرة، أول من أمس، في زيارة للأخير استغرقت عدة ساعات. ويأتي ذلك ضمن عدّة لقاءات واتصالات يجري تنسيقها بين المسؤولين المصريين والأتراك والليبيين، في محاولة لتجاوز الخلافات المتعلّقة بوضع التنظيمات العسكرية والمسلّحة الموجودة في الداخل الليبي، أو المرتبطة بآليات تسوية الوضع الحالي، أملاً في التوصل إلى إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري، إلى جانب مناقشات أخرى سيجريها كل طرف مع حلفائه بشكل منفرد للوصول إلى الصياغات التي تضمن تحقيق النتائج المرجوّة في أسرع وقت.وتعتمد رؤية النظام المصري، وفقاً لمصادر «الأخبار»، بشأن حلحلة المشكلات في الداخل الليبي، أولاً، على تسوية الأمور العالقة مع الأطراف الخارجية. لذا، ستكثّف القاهرة مشاوراتها بهذا الخصوص مع تركيا، وذلك للدفع باختيار سلطة جديدة تتكوّن، وفقاً للتصوّر المصري، من رئيس وغرفتين للبرلمان. كما ستنسّق مصر خطواتها مع المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، الذي بدأ أخيراً عقد عدة لقاءات مع مسؤولين عسكريين وسياسيين سابقين لمناقشة خياراتهم، في وقت دخلت فيه أطراف أخرى على الخط، ومن بينها الإمارات والسعودية وإيطاليا. والظاهر أن مصر وتركيا تتّجهان إلى التوافق على تشكيل «حكومة مصغرة»، تكون مهمتها الأساسية الإسراع في إجراء الانتخابات، على أن يمتنع المجلس النيابي في مدة ولايتها عن اتّخاذ أيّ إجراءات أحادية. ومن هنا، يُفترض الاتفاق على اسم شخص لا يثير معارضة تمنعه من تولّي مسؤولية الحكومة الجديدة، بما يشمل إيجاد ضمانات تتعلق بالقوانين الانتخابية، وحلّ مسألة ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وتحديد الإجراءات التي سيتم اتخاذها لتأمين العملية الانتخابية وضمان نزاهتها.
لا يبدو أن لدى القاهرة تصورات واضحة حول كيفية معالجة تعارض الديناميات التركية في ليبيا مع المصالح المصرية


لكن، حتى الآن، لا يبدو أن لدى القاهرة تصورات واضحة حول كيفية معالجة تعارض الديناميات التركية في ليبيا مع المصالح المصرية، لكن يُعتقد أن اللقاءات التي ستُعقد في الأيام المقبلة، والتي ستضمّ مسؤولي الاستخبارات في البلدين والمسؤولين بشكل رئيس عن الملف الليبي، قد تتمكّن من الوصول إلى نقاط توافق في ظلّ توجيه قادة البلدين بذلك، وفقاً للمصادر. ويُشار، هنا، إلى أن تركيا تؤيد حكومة طرابلس بقيادة عبد الحميد الدبيبة، فيما تدعم مصر مجلس النواب وحكومته إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وتأمل راهناً في الوصول إلى تسوية ترضي أطراف الصراع كافة، عبر محاصصة تضمن إنهاء الحرب.
وكان شكّل الملف الليبي، على مدار سنوات، نقطة خلاف جوهرية بين مصر وتركيا، وصل التوتر في شأنها إلى درجة التلويح باستخدام القوة من جانب السيسي، في حال اقتراب القوات التركية التي أُعلن إرسالها إلى ليبيا بموجب اتفاق أمني بين أنقرة وحكومة طرابلس، وتمركزها في محور سرت - الجفرة. كذلك، تتنافس مصر وتركيا بشكل واضح على مسألة إعادة الإعمار داخل ليبيا التي مزقّتها الحرب، وهو أمر يرغب البلدان المستنزفان اقتصادياً، في الاستفادة منه، وستجري مناقشة طريقة إدارته في اللقاء المرتقب بين السيسي وإردوغان، فضلاً عن قضايا أخرى مرتبطة بالوضع الفلسطيني، وفقاً للمصادر.