عشيّة الثلاثين من آذار، الذي يصادف «يوم الأرض»، أخرجت أرض فلسطين أسرارها الدموية. فدائيٌ من قلْب جنين، يدخل إلى قلْب فلسطين المحتلة، وينفّذ عملية نوعية ضدّ مستوطني العدو، بدا فيها بثباته ورباطة جأشه واحترافه و«دراميّته» كما لو أنه آتٍ من عالم الأفلام. ليس ما يجري بالذي يمكن تصديقه فعلاً بالنسبة إلى إسرائيل. «لقد عُدنا عشرين عاماً إلى الوراء، أصبحنا نخاف المشي في الشوارع...». هذا هو الحديث الدائر هناك اليوم. حديثٌ إنّما يعبّر عن هول الصدمة، التي لا يبدو أن تل أبيب تدرك، إلى الآن، كيف ستصحو منها، في ظلّ ضيق الخيارات المتوافرة أمامها؛ فهي إن انكفأت ستستجلب على نفسها عمليات فدائية جديدة، وإن أقدمت على «ردّ عقابي جماعي» ستُخاطر بتفجير غضب فصائل المقاومة، ودفعها إلى بدء تصعيد، لن يقتصر هذه المرّة على ساحة دون أخرى، كما لن يشتمل العدو فقط، بل وسيطال أيضاً «أصدقاءه» الفلسطينيين، المتمثّلين في السلطة، التي سارع رأسها، «أبو مازن»، إلى تلبية طلب تل أبيب بإدانة عملية «بني باراك». هكذا، تتجلّى بوضوح لا يقبل التشكيك، الذي دأب عليه كثيرون منذ انتهاء معركة «سيف القدس»، واحدة من أهمّ نتائج هذه المعركة، والمتمثّلة في ارتداع العدو عن استفزاز المقاومة، والانجرار إلى مواجهة جديدة