الرباط | شهدت 38 منطقة مغربية، على رأسها العاصمة الرباط، وقفات وتظاهرات حاشدة تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وتأييداً لمعركة «طوفان الأقصى». وتميّزت هذه المسيرات بحضور كبير مِن جانب كلّ الشرائح الاجتماعية، رجالاً ونساء وشيوخاً وشباباً وأطفالاً، شاركوا بكثافة في الفعّاليات التي دعت إليها «الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع»، مؤكّدين أن التطبيع الرسمي المغربي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي لم يغيّر من الموقف الشعبي المغربي المؤيّد للقضية الفلسطينية، ولحقّ الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم وحقوقهم في مواجهة الاحتلال. ورُفعت في خلال التحرّكات الأعلام الفلسطينية وصور القدس، إلى جانب لافتات مندّدة بالتطبيع، وأخرى أكّدت مركزية القضية الفلسطينية لدى الشعب المغربي. وردّد المشاركون في الوقفات شعارات داعمة للقضية الفلسطينية ومناهضة لتطبيع السلطات، ووزّعوا الحلوى فرحاً بهذا النصر الذي كتبته المقاومة الفلسطينية.

في المقابل، لم يكن الموقف الرسمي الذي عبّرت عنه وزارة الخارجية على قدر التطلعات الشعبية، إذ جاءت عباراته منمّقة وفضفاضة، واكتفى معدّوه بالتذكير بأن «المغرب طالما حذّر من تداعيات الانسداد السياسي على السلام في المنطقة ومن مخاطر تزايد الاحتقان والتوتر نتيجة لذلك»، داعين إلى «الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والعودة إلى التهدئة وتفادي كل أشكال التصعيد التي من شأنها تقويض فرص السلام في المنطقة». أما الأحزاب المغربية فوجّهت أسهم انتقاداتها إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي، محمّلة إياها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، فيما قدّم «حزب النهج الديموقراطي» موقفاً متمايزاً بدعوته إلى «تصعيد النضال ضد التطبيع مع هذا الكيان العنصري والاستئصالي والإجرامي». وإذ عبّر «النهج» عن اعتزازه بعملية «طوفان الأقصى»، التي وصفها بـ«الملحمة البطولية التي أسقطت أسطورة التفوّق المخابراتي والعسكري للكيان الصهيوني وأكّدت الأهمية القصوى للكفاح المسلح كأنجع وسيلة لفرض الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتحرير أرضه المغتصبة من النهر إلى البحر»، فقد رأى أن العملية «تعبّر عن انهيار رهانات الأنظمة المطبّعة على الكيان الصهيوني لضمان أمنها واستقرارها». ودعا «كل القوى السياسية والنقابية والاجتماعية والحقوقية الديموقراطية والحية في المغرب إلى تقديم كل الدعم للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة»، مناشداً «القوى الديموقراطية والضمائر الحية في العالم مساندة كفاح الشعب الفلسطيني من أجل تقرير مصيره وفضح جرائم الكيان الصهيوني والنضال من أجل عزله دولياً ومحاكمة كل مجرمي الحرب الصهاينة».
من جهته، أكّد حزب «العدالة والتنمية»، في بلاغ رسمي، أن مقاومة «الاحتلال، بكل الأشكال، هي حق مشروع تضمنه الشرائع السماوية والمواثيق الدولية»، مشيراً إلى أن «الإرهاب الحقيقي هو ذلك الذي يمارسه دون توقّف الاحتلال الصهيوني العنصري على مرأى ومسمع من العالم وبدعم من الدول الكبرى». وأكّد حزب «العدالة والتنمية» أن «طوفان الأقصى» ردّة فعل طبيعية ومشروعة على الانتهاكات اليومية التي يمارسها العدو الصهيوني وحكومته العنصرية المتطرفة.
ورأى حزب «الاستقلال المغربي» (مشارك في الحكومة المغربية)، بدوره، أن ما يحصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة سببه التعنّت الإسرائيلي والسياسات التصعيدية ضد الشعب الفلسطيني. وأكّد، في بيان، وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني في هذا الظرف العصيب، «دفاعاً عن حقوقه التاريخية والشرعية، وفي طليعتها حقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشريف، وتمتّعها بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة».
دعوات لتنظيم «جمعة غضب»، غداً في مختلف المدن المغربية، نصرة لغزة والفلسطينيين، وتنديداً بالتواطؤ الدولي والعربي الرسمي


وفي الاتجاه نفسه، اعتبر حزب «التقدم والاشتراكية» أن «تحرك المقاومة الفلسطينية هو دفاع عن النفس والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورد فعل طبيعي على سياسة الإرهاب والقتل والاستيطان والعنصرية والإنكار التام لحقوق الشعب الفلسطيني، التي ينتهجها الكيان الصهيوني المتغطرس بحكومته المتطرفة، في ظل الصمت واللامبالاة دولياً». ودعا، في بيان، إلى تحرك دولي «لوقف الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني»، من دون أن يدين التطبيع المغربي.
وفيما كانت حركة «حماس» دعت أبناء الأمّتين العربية والإسلامية إلى «الخروج يوم الجمعة القادم، في الميادين والساحات والشوارع في كل مكان»، حضّت «الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة» على تنظيم «جمعة غضب»، غداً الجمعة، في مختلف المدن المغربية، نصرة لغزة والفلسطينيين، وتنديداً بالتواطؤ الدولي والعربي الرسمي. وقالت «الهيئة المغربية» إن «جمعة الغضب» تأتي «دعماً لطوفان الأقصى، وأيضا تنديداً بالهجمات الفاشية التي تقوم بها سلطات الاحتلال في حق المدنيين العُزّل». كما دعت السلطات المغربية إلى التراجع عن التطبيع مع الكيان الصهيوني، معلنة دعمها خط المقاومة الذي «نعتبره الطريق الأوحد والأنجع لاسترداد الحقوق وصيانة المقدّسات وحفظ الكرامة»، مشدّدة على أن المقاومة هي «السبيل الأسرع لإسقاط اتفاقات أبراهام التي راهنت عليها الأنظمة العربية المطبّعة وتسابقت عليها»، برعاية دولية وضغط أميركي.
كذلك، دعت «نقابة المحامين الشباب»، السلطات المغربية، إلى إلغاء اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتوقيف جميع أشكالها ومظاهرها وطرد ممثليه وإغلاق مكتبه، محذّرة «من خطورة وأضرار استمرار هذا التطبيع المشؤوم على أمن المغرب القومي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي». وفي السياق نفسه، اعتبر الصحافي، مصطفى ابن الراضي، أن «من ينتصر لإسرائيل يختار موقفاً بائساً وانحيازاً غير مشرّف، ويعزز موقف العنصريين». وأكّد ابن الراضي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «مقاومة فلسطين المسلّحة كانت آخر الحلول، والطريق الأوحد في مواجهة التصعيد الإسرائيلي».