مع ذلك، لا تزال واشنطن تعمل على الخط الديبلوماسي وطرق أبواب الدول التي لها علاقة مع «أنصار الله». ولهذه الغاية، كرّرت تواصلها مع بكين للتوسط لدى طهران، من دون نتيجة. كما زار، الثلاثاء، وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، سلطنة عمان للغاية ذاتها، لكنه فشل أيضاً. يذكر أن زيارة كاميرون تأتي بعد يوم واحد من فضيحة كشفت عنها صحيفة «تلغراف» البريطانية، مفادها أن السفن الحربية الملكية التي نُشرت في البحر الأحمر ولا سيما الفرقاطة «إم إس دايموند» لا تمتلك القدرة على ضرب أهداف برية، وهو ما وصفه مسؤولون عسكريون سابقون في بريطانيا بأنه بمثابة إحضار سكاكين إلى قتال بالأسلحة النارية. وقالت الصحيفة إن هذا الأمر يجعل الولايات المتحدة وحيدة، فيما تكتفي بريطانيا بإرسال طائرات من على بعد آلاف الأميال.
وفي السياق نفسه، كشف موقع «تاكتيكال ريبورت» للمعلومات الاستخبارية أن وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، رفض طلباً أميركياً لإنشاء مركز بحري عسكري على ساحل جيزان للتعامل مع هجمات قوات صنعاء في البحر الأحمر، الأمر الذي يؤكد صحة تقارير سابقة حول حرص الرياض على عدم الانخراط في أي تحرك أميركي ضد "أنصار الله"، خوفاً من انهيار تفاهمات السلام مع الحركة، وعودة الضربات على المنشآت السعودية. وعليه، لم يعد أمام واشنطن سوى تحريك الأوراق المحلية اليمنية. وبالفعل، هي قادرة على تحريك بعض الأدوات، كذلك فإن بعض الشخصيات اليمنية المحلية معروفة بالتفافها على الجانب السعودي، وسعيها بجهد لتجاوزه للوصول إلى الأصيل الأميركي، فيما كشف عدد من الوثائق ارتباط الكثير من القيادات اليمنية السابقة والحالية مع واشنطن. وهذا ما ينطبق على رئيس مجلس «القيادة الرئاسي»، رشاد العليمي، الذي وصف العمليات الأميركية بأنها ليست الحل، معتبراً أن الحل يتمثل في القضاء على «أنصار الله».
لاقت دعوة العليمي إلى فتح الجبهات الداخلية ردود فعل مستنكرة حتى من النشطاء المقرّبين من السعودية
لكن السعودية سرعان ما تنصلت من تصريحات الحلفاء المحليين في اليمن. فقد علمت «الأخبار» أن شخصية سعودية كبيرة تواصلت مع حكومة الإنقاذ، مستنكرة الضربات الجوية التي تعرّض لها اليمن، وعبّرت عن تفهّمها لموقف صنعاء إزاء ربط الأزمة في البحر الأحمر بالعدوان على غزة، وشددت على مواصلة المسار السياسي واستمرار الهدنة ورفض أي تصعيد عسكري على الجبهات. كما استعرض المسؤول السعودي أمام قيادة صنعاء الضغوط الشديدة التي مورست على بلاده من قبل واشنطن للمشاركة في التحالف المعادي لليمن، وأبدى في الوقت نفسه تخوفه من انزلاق الوضع وخروجه عن السيطرة في البحر الأحمر.
كذلك لاقت دعوة العليمي إلى فتح الجبهات الداخلية ردود فعل مستنكرة حتى من النشطاء المقرّبين من السعودية. وعلّق الكاتب الصحافي والناشط المقرّب من السفير محمد آل جابر، فتحي بن لزرق، في تغريدة على «إكس»، بالقول إن «أي دعوة إلى الاحتراب في اليمن الآن هي محاولة بائسة لتخفيف الضغط عن إسرائيل وحرف معارك البحر الأحمر عن مسارها. وأيّ تنميق للكلمات أو العبارات لتلميع مثل هذه المعركة وفي هذا التوقيت، جهد فاشل لن يقنع طفلاً في الخامسة من عمره... لا تكونوا بنادق للإيجار يطلقون النار منها متى شاؤوا».