صنعاء | أشعلت القوات اليمنية، مجدّداً، الجبهات البحرية، بعد مدة هدوء استمرت منذ عيد الفطر، باستهدافها سفناً عسكرية وتجارية أميركية وأخرى إسرائيلية، ولا سيما في المحيط الهندي، حيث تعتزم صنعاء توسيع حظرها على مرور السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال. ويتزامن ذلك مع قلاقل يشهدها أرخبيل سقطرى الواقع في ذلك المحيط، نتيجة عوامل متعددة بعضها يرتبط برفض قبائل الجزر التحرّكات الإماراتية - الأميركية لإقامة قاعدة عسكرية هناك، وبعضها الآخر يتعلّق بالصراع بين الرياض وأبو ظبي على السيطرة على المحافظات الجنوبية.وبعد يوم حافل باستهداف عدد من السفن العسكرية والتجارية، أول من أمس، أعلنت «هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية»، أمس، أنها تلقت تقريراً عن واقعة على بعد 15 ميلاً بحرياً جنوب غرب عدن. وقالت، في بيان، إن قبطان سفينة أبلغ عن سماع دوي قوي، ورؤية ارتطام بالماء وتصاعد للدخان من البحر، مضيفة أن السفينة وطاقمها بخير، وأن جهات عسكرية تقدّم لها الدعم. وكذلك، أعلنت هيئة الأركان العامة اليونانية أن السفينة الحربية اليونانية «هايدرا» المنتشرة في خليج عدن، كجزء من التحالف البحري للاتحاد الأوروبي «أسبيدس»، اعترضت مسيّرتين كانتا تتّجهان صوب سفينة تجارية قبالة ساحل اليمن، في وقت مبكر أمس. وقالت إنها أسقطت إحدى الطائرتين وأبعدت الأخرى. وكذلك، قالت البحرية الملكية البريطانية إن المدمّرة«دياموند» التابعة لها أسقطت صاروخا أطلقته «أنصار الله» على سفينة تجارية.
وكان الناطق باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، قد أعلن، مساء أول من أمس، تنفيذ ثلاث عمليات عسكرية استهدفت السفينة التجارية الأميركية «ميرسك يوركتاون»، ومدمرة أميركية في خليج عدن، والسفينة الإسرائيلية «فيراكروز» في المحيط الهندي. وفي المقابل، قالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، إن سفينة حربية تابعة لتحالف «حارس الازدهار»، نجحت في تدمير «صاروخ باليستي مضاد للسفن» أُطلق من مناطق تسيطر عليها «أنصار الله»، مضيفة أن الصاروخ كان يستهدف على الأرجح سفينة الشحن «ميرسك يوركتاون»، ومشيرة إلى عدم وقوع إصابات أو أضرار. كما أعلنت أن القوات الأميركية دمّرت أربع مسيّرات في المنطقة، بعد وقت قصير من إطلاق الصاروخ.
تشديد الإمارات قبضتها على جزيرة سقطرى والجزر الأخرى التابعة للأرخبيل يثير غضب القبائل


على خطّ موازٍ، اتجهت أبو ظبي، أخيراً، إلى تشديد قبضتها عسكرياً وأمنياً على جزيرة سقطرى والجزر الأخرى التابعة للأرخبيل، وهو ما قوبل بردود فعل غاضبة من القبائل، التي اتهمت الحكومة الموالية لـ«التحالف» السعودي - الإماراتي بالتواطؤ مع تلك التحرّكات، والتأسيس لاحتلال الجزر من قبل قوات أجنبية. وجاء رد الفعل القبلي هذا بعد تحويل جزيرة عبد الكوري، ثاني أكبر جزر الأرخبيل بعد سقطرى، إلى قاعدة عسكرية إماراتية - أميركية مشتركة، ونصب دفاعات جوية فيها، ومحاولة أبو ظبي تهجير سكانها بالقوة. وبحسب مصدر قبلي تحدث إلى «الأخبار»، فإن الجانب الإماراتي سعى إلى استقدام المئات من العناصر الموالية له من خارج سقطرى، تحت مبرر التدريب والتأهيل العسكري في معسكرات تابعة له في الجزر، بالإضافة إلى قيام أبو ظبي بتدشين حملة استقطاب وإغراءات لشراء حاضنة لها في الجزيرة.
وأثار اتساع عمليات قوات صنعاء البحرية إلى المحيط الهندي، أخيراً، قلق الإمارات على نفوذها في سقطرى، والذي يتهدّده أيضاً الصراع بينها وبين والسعودية في المحافظات الجنوبية والشرقية، وإمكانية امتداده إلى مركز محافظة الأرخبيل، والذي تتواجد فيه «قوات الواجب» السعودية. كما تخشى أبو ظبي من سحب البساط من تحتها في مدينة حديبو، عاصمة سقطرى، وقلنسية الواقعة في نطاق الجزيرة أيضاً. وعلمت «الأخبار»، من أكثر من مصدر، أن الحراك الإماراتي - الأميركي في جزيرة عبد الكوري، وجزيرة درسة البالغة مساحتها عشرة كيلومترات مربعة والواقعة بالقرب من الأولى، يتمثّل في نصب أجهزة تتبّع للسفن والطائرات المسيّرة في الجبال الشاهقة الواقعة هناك. ووفقاً للمصادر، فإن تلك التحركات ذات صلة بمحاولات احتواء تصعيد «أنصار الله» ضد الملاحة الإسرائيلية في المحيط الهندي، فيما الحراك الإماراتي العسكري في حديبو والمناطق المحيطة بها، يندرج في إطار صراع النفوذ مع الرياض.
وكانت قد دفعت الإمارات، مطلع العام الجاري، بعناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» المدعوم من قبلها في سقطرى، إلى التصعيد ضد «قوات الواجب» التي تتواجد منذ سنوات في محيط مطار الجزيرة الدولي، والمطالَبة برحيلها. وإذ تقابَل تحرّكاتها اليوم في عبد الكوري برفض شعبي وقبلي في عموم سقطرى، فقد دفعها ذلك إلى استقدام ميليشيات من خارج الجزيرة ظناً منها أن تلك المطالب مدعومة من «قوات الواجب». أيضاً، وفي إطار محاولات احتواء السخط الشعبي، بعثت أبو ظبي خطيباً إماراتياً بطائرة خاصة لإلقاء خطبة عيد الفطر في مركز جزيرة عبد الكوري، «لتوعية الناس بأهمية الحفاظ على الأمن وعدم الانجرار وراء الدعوات المناهضة للتحالف»، وهو ما أجج الغضب في أوساط أهالي سقطرى عموماً، خصوصاً بعد اعتقال السلطات التابعة للإمارات، الناشط عبد الله بداهن، على خلفية انتقاده لغة الخطيب.
وبالتوازي مع ذلك، كشفت وسائل إعلام يمنية عن وصول مجموعة جديدة من الضباط الإماراتيين والإسرائيليين إلى عبد الكوري، على متن طائرة الخطوط الجوية الإماراتية، وبصفة مدنية للتمويه، بعدما كانت قد وصلت دفعة سابقة من الضباط الإماراتيين والأجانب - تضمّ بريطانيين وإسرائيليين -، خلال الأسابيع الماضية، إلى الجزيرة نفسها. ويحتمل مراقبون أن تكون هذه التحركات مرتبطة باستكمال التجهيزات في القاعدة العسكرية الإماراتية - الأميركية هناك. ويأتي هذا فيما تصاعد التوتر في أحد معسكرات التدريب الإماراتية في سقطرى، عقب مهاجمة عدد من الجنود اليمنيين من أبناء الجزيرة، المعسكر المذكور. ووفقاً لمصادر محلية وأخرى حقوقية، فإنه بعد الاشتباك بين الطرفَين، تمّ إجلاء الضباط الإماراتيين مع قوة تابعة لهم، بمرافقة قوات من «المجلس الانتقالي الجنوبي».